الأئمة الأربعة رضي الله عنهم، وذلك بعد أن كثرت الملل والنحل، وتشعبت الأهواء، وتفرق الناس شيعاً، كل حزب بما لديهم فرحون، ذلك هو شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، ومن هو على طريقتهم في الدعوة والتحقيق إلى يوم القيامة، فقد قام هذان الشيخان بما أوجبه الله على العلماء، من بيان الحق وعدم كتمانه، ولم تأخذهما في الله لومة لائم، … فهذه كتبهما بحمد الله بين أيديكم، قد سهل الله نشرها بعد أن كانت مدفونة في زوايا الترك والإهمال، فعليكم بمطالعتها، فإنها بأدلة الكتاب والسنة تجلو عن القلوب صداها، وبمآثر الصحابة وهديهم تميط عن الأبصار غشاها،ثم قال رحمه الله: وهذا شيخنا ـ يعني الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ ذلك الإمام الوحيد في زمانه، الجليل القدر رحمه الله تعالى، قد قام بما قام به هذان الشيخان، من الدعوة إلى تحقيق التوحيد لله تعالى، في أسمائه وصفاته وتوحيده في ألوهيته، بإفراده بالعبادة له وحده لا شريك له بجميع أنواعها، وهذا التوحيد هو أصل بعثة الرسل من نوح إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ} الأنبياء:25، وهذا التوحيد هو أصل الأصول للدين، الذي لا يجوز التقليد فيها، فعليكم بالتفقه في دينكم، واتباع نبيكم صلى الله عليه وسلم، وسلفكم الصالح، من الصحابة والتابعين لهم بإحسان إلى يوم القيامة، وقد تقدم لكم البيان بأننا في الأصل على القرآن، وفي الفروع على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه، ويحثهم على أن يكونوا فيما يأتونه من أمر دينهم على بصيرة، ويستدل بقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ، وقوله تعالى: {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} ، ويقول لهم: فمن كان منكم يؤمن