وهكذا كان الواقع في العالم الإسلامي، في الحجاز وفي غيره، في الشرق وفي الغرب، وفي الشمال وفي الجنوب، كان هذا هو الواقع قبيل ظهور الملك عبد العزيز فكانت الحاجة داعية، والضرورة ملحة، لقيام الملك الإمام عبد العزيز، بإقامة الجماعة وتأسيس دولة التوحيد، المملكة العربية السعودية، وقد أدرك ذلك حتى العامة والبدو الذين لم يأخذوا قدرا كافيا من العلم والحضارة، وربما من الذين ألفوا عدم الاستقرار.
روى أحد كبار السن: أنهم ذهبوا إلى الكويت وكانوا ثلاثة رجال، وبينهم شاعر من البادية، يريدون التعرف إلى أولاد الإمام عبد الرحمن الفيصل، فزاروه رحمه الله وطلبوا منه أن يرسل معهم من يوصلهم إلى أولاده، ليسلموا عليهم، فأرسل شخصا، قال الراوي: "وبعد السلام على عبد العزيز وأخيه محمد ـ رحمهما الله ـ أخذ محمد يهيئ القهوة، وعبد العزيز بجواره، وكانا شابين لا تتجاوز سن أكبرهما ثمانية عشر عاما، وكان عبد العزيز نحيلا قليل الكلام، أخذ يسألنا باقتضاب:"من تكونون؟ ومن أي المناطق أنتم؟ "فأخبرناه بمناطقنا، ثم أخذ عبد العزيز يسألنا، عن أحوال البلاد،وعن الأحداث، والأمن هناك "وهل حكم الشرع نافذ فيكم؟ …"ثم وقف البدوي الشاعر، وقال: يا عبد العزيز، عندي قصيدة، فرد عليه: "فيمن؟ قال: فيك، قال: أنا! هنا في الكويت! غريب مجهول! ليس لي دور في شيء! تمدحني بالشجاعة؟ لم أفعل شيئاً، بالكرم؟ أنا لا أملك مالاً، حالي مستور، ثم إن القصائد الجيدة كلَها قلتَها في الأمير محمد بن رشيد"، قال الراوي: "فرد عليه الشاعر، ونحن نسمع: إني واحد من شعرائك ومن رجالك يا عبد العزيز، فأنا شاعر الرجال، والبلاد اليوم في حاجة إليك، اسمعها تقول لك: وأنشد بصوت مرتفع:
عبد العزيز ابطيت واخلفت ظني
وكثر البطا يحدث على الرجل خذلان
يمير [22] دوك فتوقها وضَحَن
تبينت لأاهل الدلايل والأذهان" [23]