ولما كانت العقيدة الصحيحة هي العلم الذي يُبتغى ويُبذل في طلبه كل نفيس ـ إضافة إلى علوم الشريعة الأخرى والعلوم المساعدة على مواكبة العصر ـ اهتم يرحمه الله بالعلم والتعليم، وأولاه عناية خاصة في وقت مبكر منذ أن استقر له الأمر في الرياض بعد فتحها. وكان يعتبره من الأولويات التي لا تقبل التأخير، حيث كان ذواقاً للعلم، طالباً للمعرفة، محباً لهما، مقدراً أهميتهما رغم مشاغله الكثيرة.
ولذا فقد اختار الشيخَ عبد الله بن حسن آل الشيخ مقرئاً في مجلسه ومفتياً وواعظاً وإماماً في الصلاة، لأنه أراد لمجلسه أن يكون مجلس علم ومعرفة، ثم اختاره رئيساً للجنة المشرفة على التدريس وتنظيمه في المسجد الحرام سنة 1347هـ حين استتب له الأمر في الحجاز.
كان – يرحمه الله – يحب العلماء ويحترمهم ويجلسهم على مائدته الخاصة تكريماً لهم وتعظيماً. (وكان يقدمهم على إخوانه وأبنائه وكبار جلسائه، ويصغي إلى آرائهم ويبالغ في إكرامهم، ولكبارهم هيبة في نفسه لا يصطنعها ولا يستعملها وهم يبادلونه هذه العاطفة النبيلة) . وكان يعلي من شأنهم، فقد سمح للمفتشين بمديرية المعارف بركوب السيارات، وكان هذا الأمر شيئاً عظيماً، لأن السيارات في تلك الأيام لم يكن يتحصل عليها إلا الأمراء.
ولم ينس - يرحمه الله - فضل أساتذته عليه، فقد علم أثناء زيارته للكويت عام 1354هـ (أن معلماً له كان يقرأ عليه القرآن في أيام طفولته موجود بها فاستدعاه، ولاطفه ومنحه ثلاثة آلاف روبية) .
وقد حظي علماء المدينة منه بكريم عنايتة ورعايته وفائق احترامه وتقديره، لما شرفوا به من علم واسع ونصح وورع وزهد وعفّة، وما اتصفوا به من تتبع المناقب والابتعاد عن المثالب، وما عرفوا به من حبهم لهذه البلاد وقادتها، وحبهم في بنائها والدفاع عنها. وأذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: