أولاً: نية صالحة وعزم على أن تكون حياتك وأن يكون دينك إعلاء كلمة التوحيد، ونصر دين الله، وينبغي أن تتخذ لنفسك أوقاتاً خاصة لعبادة الله، والتضرع بين يديه في أوقات فراغك. تعبد إلى الله في الرخاء تجده في الشدة، وعليك بالحرص على الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وأن يكون ذلك كله على برهان وبصيرة في الأمر، وصدق في العزيمة، ولا يصلح مع الله سبحانه وتعالى إلا الصدق، وإلاّ العمل الخفي الذي بين المرء وربه.
ثانياً: عليك أن تجدَّ وتجتهد في النَّظر في شؤون الذين سيوليك الله أمرهم بالنصح سراً وعلانية والعدل في المحب والمبغض، وتحكيم الشريعة في الدقيق والجليل، والقيام بخدمتها باطناً وظاهراً وينبغي أن لا تأخذك في الله لومة لائم.
ثالثاً: عليك أن تنظر في أمر المسلمين عامة، وفي أمر أسرتك خاصة اجعل كبيرهم والداً ومتوسطهم أخاً، وصغيرهم ولداً، وهنْ نفسك لرضاهم وامحُ زلتهم وأقل عثرتهم، وانصح لهم واقض لوازمهم بقدر إمكانك فإذا فهمت وصيتي هذه، ولازمت الصدق والإخلاص في العمل فأبشر بالخير [71] .
هذا قليل من كثير من أدلة تقوى الملك عبد العزيز رحمه الله وخوفه من ربه ذلك السلاح العظيم والحصن الحصين الذي احتمى به الملك عبد العزيز من شرور أعدائه ومن خطل القول والفعل. وكان من أعظم أسباب النصر والتمكين له. قل المال عليه وهو يحاصر جُدَّة وضاقت صدور الرجال، فنظر الملك عبد العزيز إلى من حوله وقال: المؤن متوفرة في نجد.. من شاء منكم الرحيل فليرحل، أما أنا فمقيم والفرج من عند الله.