أما دعوى اليهود التي يستثيرون بها عطف العالم، وهي أنهم مشتتون في البلدان ومضطهدون فيها وأنهم يريدون إيجاد مكان يأوون إليه ليأمنوا على أنفسهم من العدوان الذي يقع عليهم في كثير من الممالك، فالمهم في هذه القضية هو التفريق بين القضية اليهودية العالمية - أو اللاسامية - وبين قضية الصهيونية السياسية، فإن كان المقصود العطف على اليهود المشتتين، فإن فلسطين الضيقة قد استوعبت منهم حتى الآن مقداراً عظيماً لا يوجد ما يماثله في أي بلد من بلدان العالم، وليس باستطاعة رقعة ضيقة كفلسطين أن تتسع لجميع يهود العالم حتى ولو فرض أنها أخليت من سكانها العرب كما قال المستر "مالكولم"في خطاب ألقاه في مجلس النُّواب البريطاني مؤخراً فإذا قبل مبدأ بقاء اليهود الموجودين في فلسطين في الوقت الحاضر فتكون هذه البلاد الصغيرة قد قامت بأعظم قسط إنساني لم يقم بمثله غيرها.
ويرى فخامة الرئيس أنه ليس من العدل أن تسد حكومات العالم - وفي جملتها الولايات المتحدة - أبوابها في وجه مهاجري اليهود وتكليف فلسطين البلد العربي الصغير بحملهم.
وأما إذا نظرنا إلى القضية من وجهة الصهيونية السياسية فإن هذه الوجهة تمثل ناحية ظالمة غاشمة سداها القضاء على شعب آمن مطمئن، وطرده من بلاده بشتى الوسائل ولحمتها النهم السياسي والطمع الشخصي لبعض أفراد الصهيونية.
وأما استناد اليهود على تصريح بلفور "فإن التصريح بحد ذاته جاء جوراً وظلماً على بلاد آمنة مطمئنة، وقد أُعطي من قبل حكومة لم تكن تملك يوم إعطائه حق فرضه على فلسطين، كما أن عرب فلسطين لم يؤخذ رأيهم فيه ولا في نظام الانتداب الذي فرض - كما صرح بذلك "مالكولم " وزير المستعمرات البريطاني أيضا - وذلك برغم الوعود التي بذلها الحلفاء - وبينهم أمريكا - لهم بحق تقرير المصير.