فقد ادعى شخص أن الإمام عبد الرحمن - رحمه الله - توفي، وعليه في ذمته مبلغ من المال، وطالب الملك عبد العزيز بالوفاء عن والده، وذهب معه بعد صلاة الفجر إلى منزل القاضي سعد بن عتيق، ولما عرف القاضي أن بينهما دعوى، لم يدخلهما منزله، بل أجلسهما على الأرض أمام المنزل، وبعد أن انتهى الحكم لصالح المدعي، انصرف راضياً، وعندها أدخل القاضي الملك عبد العزيز إلى منزله، وقال: أنت الآن ضيفي.
وإن المرء ليقف متحيراً أمام هذا الموقف العظيم، من الملك العظيم، أيعجب من تواضعه والجلوس مع الخصم على الأرض؟ أم يعجب من إنفاذ حكم القاضي، أم يعجب من دقة اختياره رجالاً لا يقدمون على الحق شيئاً ولا يحابون أحداً، ولو كان الملك نفسه، مما يدل على أنهم كانوا يعلمون ذلك من الملك، وأنه لا يقدم على حكم الله شيئاً، وهذا استجابة لقول الله تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [النور51] .
وكان - رحمه الله - يرى أن من أجلّ وجوه المعروف إنفاذ حكم الله، وأن من أسوأ وجوه المنكر الحيلولة دون ذلك.
فقد حكم أحد القضاة على امرأة بالرجوع إلى بيت زوجها، ولكنها هربت إلى منزل أحد الأمراء طلباً للحماية.
ولاشك أن عدم إنفاذ حكم الشرع من أعظم المنكرات التي تجر على المجتمع المسلم من المفاسد، والفوضى مالا يعلمه إلا الله تعالى.
فماذا كان موقف الملك عبد العزيز من ذلك؟
لقد أمر بإنفاذ حكم الله تعالى، وإلا فإنه سيقوم شخصياً بدخول المنزل، وإخراج المرأة، لتنفيذ الحكم.
إنه الأمر بالمعروف في أبهى صوره، وإنه النهي عن المنكر في أبلغ وجوهه.
الثاني: إنشاء هيئات للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: