والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يتولاه الأمراء والعلماء، وحتى أفراد الناس لهم نصيب في إقامة هذا الواجب، ولو بمجرد الإنكار القلبي، فالأمراء بما يملكون من ولاية وسلطة يستطيعون الأمر بالمعروف وحمل الناس عليه، والنهي عن المنكر، والإنكار على فاعليه وعقابهم، طبقاً لأحكام الشرع، والعلماء هم أقدر الناس على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالتحذير منه، وبيان عقوبة الشرع، والتحذير من التعرض لها من ولاة الأمور، وكل فرد من المسلمين يستطيع تغيير المنكر بيده إذا كان مسؤولاً عن ذلك شرعا، كالأب والزوج، ويستطيع أن ينصح أو يلزم من يكون مسؤولا عنهم، وعن رعايتهم بحكم الشرع، وإذا كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يحتاج إلى فضل علم، فإن مرد ذلك إلى العلماء، وإذا احتاج الأمر في النهي عن المنكر إلى العقوبة، كان مرد ذلك إلى الأمراء، وإلى أولي الأمر.

وهذا الواجب الكفائي بحث العلماء أدلته من القرآن والسنة المطهرة، وتكلموا عن حكمه ومراتب وجوبه، وما يتحلى به القائم به، والأساليب التي تستخدم في إقامة هذا الواجب في المجتمع الإسلامي، وذلك مبسوط في كتب الفقه وأقوال العلماء.

وإذا نظرنا إلى موقف الملك عبد العزيز - رحمه الله - من هذه الفريضة وجدناه قد قام بها على الوجه الذي يرضي الله تعالى، ويتجلى ذلك في أمرين في غاية الأهمية:

أولهما: حرصه على إقامة الحدود الشرعية، وإنفاذ حكم الله تعالى في عباده، مما كان له عظيم الأثر في اختفاء كثير من المنكرات، ونقصان كثير من المخالفات، كالسرقة، والنهب والسطو، وغير ذلك، فحل الأمن والطمأنينة محل الخوف والوجل، وأمن الناس على أموالهم، وأعراضهم، وقد كان - رحمه الله - أنموذجاً فريداً في إنفاذ حكم الله، ولو على نفسه، أو أقرب المقربين إليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015