ويتبين من تحليلها وضوح الهدف، وهو الدعوة إلى أول ركن من أركان الإسلام، وهو إقامة التوحيد في القلوب والنفوس، وإظهار أثره في الأعمال، كما يتضح فيها أن الملك - رحمه الله - كان يخاطب المدعوين بما يسهل عليهم فهمه، دون إغراق في الشرح والتفصيل وبيان الحجج والأدلة، فذلك مما يخاطب به الخاصة، أو يناقش فيه العلماء، أما الداعية حين يكون وليا للأمر، وقائماً على إرشاد الناس في دينهم، فإن ما يناسب دعوته، أن تكون موجهة إلى رعيته كلهم، وأن تكون واضحة وخالية من التفصيل، وأن تتوجه مباشرة إلى المطالبة بالعمل بمقتضاها، وليس مجرد العلم، أو الاقتناع بها، فإن فائدة العلم الكبرى هي في العمل به، وهكذا كانت دعوة الملك إلى عقيدة التوحيد.
وثمة أمر يتصل بجهد الإمام الملك عبد العزيز آل سعود في الدعوة إلى التوحيد، وهو أن الملك أمر بطبع ونشر كتب عديدة، تتصل بالتوحيد، الذي هو قوام الدين وجوهره، فقد أمر بطبع العديد من الكتب الدينية على نفقته الخاصة، منها كتاب العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية، والقواعد الأربع في التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب، ومجموعة التوحيد، وهي مجموعة رسائل كبرى طبعت ثلاث مرات، وعددها إحدى وثلاثون رسالة ألفها شيخ الإسلام ابن تيمية، والشيخ محمد بن عبد الوهاب، والشيخ عبد الرحمن بن حسن، والشيخ سليمان حفيد الشيخ محمد، وغيرهم.
ويقول عبد الحميد الخطيب في كتابه الإمام العادل في الجزء الثاني منه: "فإخلاص العبادة لله، وتوحيده الخالص، واتباع آثار السلف الصالح، هو ديدن جلالته، والشيء الذي امتاز به".
ويقول: "لقد شغلت هذه العقيدة، وهذا الإيمان لبه، فأصبح قوامه بها، واستناده عليها، ومنشؤه فيها، هي غايته، وهي مناه في غدواته وروحاته، وفي مجالسه وخلواته".
ثانياً: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: