ومن آيات القرآن الكريم التي تتعلق بالدعوة، وأهدافها، ومقاصدها وأساليبها، ومن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في دعوة الناس إلى الحق، وهدايتهم إلى الرشد بالكلمة، والقدوة والأسوة الحسنة، تكوّن فقه الدعوة، وعلى قدر معرفة الداعي إلى الله بالهدي الإلهي، وحكمة الرسول صلى الله عليه وسلم في الدعوة والبلاغ، يكون نجاحه في مهمته، وشدة تأثيره فيمن حوله.
قد ينجح في الدعوة إلى الله دعاة من غير العلماء المتخصصين في علوم الشريعة، أو في تعليمها للناس، وإن كان يلزم الداعي إلى الله أن يكون عالما بأركان الإسلام، وفرائضه، وعارفاً بمقاصده، ومتخلقا بأخلاقه بين الناس.
فالدعوة إلى الله بالكلمة الطيبة، وبالقدوة الحسنة تؤتي ثمارها بين المدعوين، أكثر مما يؤتي كثير العلم إذا فاتت الحكمة، أو غابت الموعظة الحسنة، أو القدوة الماثلة أمام الناس.
إن الهدف الأول من الدعوة هو هداية المدعو إلى الحق، ويأتي بعد ذلك تزكية نفسه، حتى يصير في خلقه وسلوكه مسلما مكتمل الإيمان، وقد تضمن القرآن الكريم مع تعدد المقاصد، وتنوع الأساليب، إحاطةً كاملة بمضمون الدعوة إلى الله، إن المضمون يشمل إعداد المسلم على نحو متميز، والترقي به في نفسه، وفي خلقه بحيث تظهر فيه كرامة الإنسان التي منحه الله إياها.
وفي القرآن الكريم توجيه للإنسان إلى قواعد السلوك التي تضمن سعادته في دنياه، وفوزه في الآخرة؛ ولذلك فإن الخطاب الدعوي يجب أن يتضمن كل ما يؤثر في عقل الإنسان وثقافته، وفي نفسه وفي مشاعره، وفي ملكاته جميعاً، باعتباره كياناً واحداً.