والإسلام - كشأنه في شتى أموره - أسبق من غيره في تقديم هذا الزاد إلى أتباعه خاصة وإلى الناس كافة، وقد أنزل عليهم رب العالمين كتابه لينهلوا من زاده الذي لا ينضب له معين، وصدق الله العظيم: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ}
والتزود من هذه الدنيا بخير زاد بالنسبة للمفهوم الإسلامي يدخل في شموله التزود من العلم حيث قال سبحانه وتعالى موجهاً رسوله الكريم أن يسأله الزيادة فيه: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} والعلم يبقى أجره لصاحبه بعد وفاته إلى يوم القيامة.
ويحدثنا القرآن العظيم في قصة ملكة سبأ مع سليمان عليه السلام، أن قدرة العفريت في جلب عرش بلقيس كانت دون قدرة صاحب العلم الذي أخذ علمه من الكتاب، فتمكن من أن يأتي لسليمان بالعرش المطلوب قبل أن يرتد إليه طرفه.
فالسر في هذه القدرة الخارقة كامن في هاتين الكلمتين اللتين نوه عنهما رب العالمين: {عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ} أي العلم ووسيلته التي هي الكتاب.
فهلا عملنا على توفير الكتاب للشعب وتيسير الحصول عليه وتمكين أفراده من التزود منه علماً ومعرفة وتقوى بأيسر السبل وأقربها تناولاً؟
ومن جملة العوامل التي تساعد على اقتناء الكتب وتشكيل مكتبات خاصة، عدم ارتفاع أسعار هذه الكتب وإسهام الدولة في تخفيض هذه الأسعار، وفي طباعة الكتب المخطوطة أو تجديد طبع ما نفد من أمهات الكتب، ومساعدة المؤلفين على طباعة إنتاجهم، وتقديم الجوائز التقديرية لهم، وإيجاد متفرغين منهم لينكبوا على إخراج بعض الموسوعات أو المعاجم التي نشهدها، وإيجاد مجامع علمية، وغير ذلك مما يساعد على تدعيم هذه النهضة والارتفاع بها إلى المستوى اللائق بأمة قال عنها رب العالمين: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} .