وإن حرص المملكة على بث البرامج الإذاعية عن طريق الراديو والتلفزيون وتوسيع هذه البرامج وتعميمها لأنحاء المملكة كافة ما هو إلا دليل على رغبة الدولة في نشر الثقافة والتوجيه العام؛ لينال كل فرد من أفراد هذه الأمة نصيبه من هذا الجهد المشكور.
والبرامج الإذاعية - عن طريق الراديو والتلفزيون - ذات تأثير كبير على توجيه الشعب فيما إذا روعي فيها صدق هذا التوجيه وحسن الرقابة عليها؛ لأنها أصبحت تدخل إلى بيوت الناس، وتنقل إليهم ما تبثه الإذاعة والشاشة وتفرض نفسها عليهم بشكل يجعل لها تأثيراً على التربية الاجتماعية يعطي ثماره في مستقبل هذه الأمة، لذلك كانت خطورة التلفزيون ومحاربة البعض له باعتباره أداة قد يكون لها من التأثير ما ذكرنا أو أكثر، فيما لو تغافل عنه المسؤولون في انتقاء ما يعرض على المشاهدين من هذه البرامج المتنوعة من أجنبية أو عربية أو محلية.
ولكن هل تغني هذه البرامج على اختلاف مواضيعها عن اقتناء الكتب أو الاطلاع على بعض ما فيها عن طريق المكتبات العامة، إن تعذر على البعض - أو على الكثير من أفراد الأمة - تأمين ذلك من مواردهم الخاصة؟
هذه البرامج التوجيهية نوع من أنواع الثقافة تقدمه الدولة إلى الشعب وتيسر له سبيله، ولكنه كما قلنا لا يكفي في تزويد أبناء الشعب مما ترجوه لهم - منهم - الدولة، والكتاب وحده هو الزاد الحقيقي الذي يتعطش إليه الراغب في العلم؛ لأنه أداة العلم ووسيلته.
وتجدر رقابة الكتب والصحف والمجلات كرقابة الإذاعة والبرامج التلفزيونية أو أشد؛ لأن للكتب وغيرها من المطبوعات تأثيراً كبيراً في وعي الأمة وعقليتها وسلوكها، لذلك كانت الرقابة وحسن التوجيه مطلوبين أيضاً على هذه الوسائل التثقيفية، بما يتفق وعقيدة هذه الأمة ورايتها التي تحمل شعار التوحيد وما يستلزم هذا الشعار من عمل واعتقاد.