وسيذكر التاريخ للملك عبد العزيز بمداد من نور وقفته القوية الصلبة ومنقبته الفريدة بإقامة الدولة على عقيدة التوحيد، وتأسيس كافة أنساق الحكم على تعاليم الشريعة الغراء دون هوادة، وحفظ حقوق الإنسان كأتم ما يكون الحفظ في ظل الدين الحنيف، في وقت شهد فيه العالم الإسلامي ائتمارا عالميا شرسا على إقصاء الدين من مجالات الحياة السياسية، واستبدال ذلك بالنظم الوضعية والنظريات البشرية ذات المصالح الآنية والمقاصد الوقتية ... [10]

إن المتأمل الدارس لما كتب عن الملك يحس أنه يقرأ عن سيرة قائد فذ ليست كالسير التي درج عليها عامة العظماء والرواد، ويستشعر أنه في رحاب إمام عادل ورع تراه في ميدان الوغى مجاهدا مقداما، وتراه في محرابه خاشعا متبتلا، وفي حديثه لبقا حكيما، يسمو بمكارمه إلى مقام سامق يذكّر بسير الخلفاء الربانيين والأئمة المهديين الذين لم تنبت الأرض مثلهم في أحقاب التاريخ إلا النادر القليل.

وحسبه شرفا أنه تلقف راية الإسلام يوم رام أعداء الإسلام إسقاطها لما تزعزعت الدولة العثمانية، فاتصل بذلك ارتفاع راية الإسلام عبر مختلف الأحقاب التاريخية منذ أن أسس رسول الله صلى الله عليه وسلم دولة الإسلام الأولى في المدينة النبوية.

وحقيقةً فإن المتأمل في سيرة الملك عبد العزيز يأخذه الإعجاب من مواهبه المتعددة ومناقبه المتكاملة، ومنهجه الأصيل ومنجزاته الإسلامية الباهرة، ولولا فضل الله ورحمته ومنّه وإحسانه بأهل هذه البلاد وبالمسلمين عامة بل وبالإنسانية جمعاء ما قام عبد العزيز بما قام ولا أنجز ما أنجز!.

شخصية الملك عبد العزيز في مكنونها ظاهرة أخلاقية فريدة لا تفي بحقه الدراسات التحليلية لأحقاب عديدة! فهو السياسي المحنك والعسكري المتمرس والمربي المستبصر والعالم المستنير والعابد الزاهد المتبتل في محرابه، والمتحدث اللبق المفوّه والقائد الملهم وذو الخُلُق الكريم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015