أولاً:- إن دراسة وتأمل ماضي المسلمين وحاضرهم للاتعاظ والاعتبار مطلب شرعي، لاسيما المنجزات وجهود الإصلاح فهي في بؤرة الاهتمام الإسلامي، كيف كنا؟ وإلى ماذا صرنا؟! تلك النقلة الهائلة من حالة التشتت والفرقة والجهل والتناحر إلى نعمة الوحدة والقوة والعلم والمنجزات الحضارية… كل ذلك لم يكن ليتم لولا مشيئة اللَّه تعالى ثم عزيمة الملك عبد العزيز وإيمانه.
ولقد أشاد القرآن العظيم بهذا الجانب من حياة المسلمين فقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11] وللَّه تعالى سنن نافذة وهي سنن ثابتة لا تتغير ولا تتبدل:
* منها أن نصر اللَّه وتأييده لا يتأخر إن صدق المسلمون في إيمانهم وأخلصوا لربهم قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} . [محمد:7]
* ومنها أن ظهور الأمة الإسلامية وقيامها بالحجة على الخلق أمر مطرد فقد يعتريها فترات من الضعف والجهل وفشو المنكرات لكن نور الإسلام لا ينطمس بالكلية بل يعاود قوته وسطوعه قال تعالى: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ} . [الرعد: 17]
وقال في موضع آخر: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ} . [غافر: 51] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة" [1] .