ولقد كان في واقع الحال - قبل قيام الملك عبد العزيز (رحمه الله) كما هو المشهور من الرواية المتواترة، وكما هو المشاهد الآن من بقيته على حاله، في خارج المملكة العربية السعودية، مما ينافي تحقيق التوحيد الذي هو حق الله على العبيد، - مظاهر خطيرة على الأمن والإيمان، كالأضرحة المقدسة من دون الله، والمشاهد الشركية، والقباب المقامة على القبور المعظمة، يطاف حولها ويعكف تعبدا لها، وتقصداً للتبرك بها، وطلب قضاء الحوائج، وتفريج الكربات عندها، في مكة مركز التوحيد نفسها، كالقباب التي كانت في المعلاة في الحجون، على قبر خديجه وغيره، وفي الحلقة القديمة على قبر المستسقي، وقبر العلوية قريب من باب مكة، وقبر الشيخ أبو سرير وضريحه؛ بزاوية كانت معروفة في آخر سوق الندى، والقبر الشهير بالمظلوم والزوايا المنسوبة إلى الصوفية، وما فيها من الأضرحة والخرافات التي تنسج حولها، وفي طريق النورية قبة (على ما يزعمونه) قبر ميمونة، وفي الزيمة على قبر الرشيد، وغير ذلك، كما في المدينة في البقيع القباب التي كانت على قبور الصحابة، وفي أحد كانت القبة المشهورة على قبر حمزة، وغير ذلك.
هذا في مكة والمدينة، فكيف في غيرهما؟ إنه كثير، في نواح عديدة، كانت القباب على القبور، والأماكن والأشجار والأحجار والغيران، والطواغيت، التي تقصد للدعاء والتبرك وذبح القربان، وغير ذلك مما لم ينزل الله به من سلطان، وإنما هي مظاهر للبدع والشرك والخرافة التي يدعو إليها الشيطان، ويتخذ منها بعض الناس سُلّما لسلب الأموال، عن طريق سدانتها والشعوذة والدجل على ضعاف العقول والجهلة، خاصة من الحجاج والغرباء.