والذين احتجوا بمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد حجِّه بالأبطح يصلي فيه الصلوات المفروضة [76] ، قالوا: لرسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حرصاً على مضاعفة الأجر له وللمؤمنين، فلو لم ير أن مصلاه في الأبطح يضاعف فيه الأجر كالمسجد الحرام سواء، لما اختار الأقل على الأكثر؟!
والجواب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحج سوى حجة واحدة، وحج معه ما يربو على مائة ألف نسمة كلهم يتبعونه، ويقتدون به.
وهو صلى الله عليه وسلم كما وصفه ربه في قوله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة/128] . فهو يرأف بالمؤمنين، ويرحمهم، فلو لزم المسجد الحرام يصلي فيه كل فرض من مكانه في الأبطح، يتبعه المسلمون شيباً وشباناً، رجالاً ونساءً.
والمسافة بين المطرحين لا تقل عن كيلين اثنين تقريباً فسيبعث مثل هذا الفعل مشقة كبيرة على الناس، وحسرة وألماً في صدور العجزة، وغير القادرين على الإقتداء، وموضع الأبطح مكان فسيح، وهو من أقرب المواضع الفسيحة من المسجد الحرام، لاستيعاب ذلك العدد الكبير. أو كما وصفته عائشة رضي الله عنها في قولها: نزول الأبطح ليس بسنة، إنما نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه كان أسمح بخروجه [77] ، قال ابن حجر: (أسمح) أي: أسهل لتوجهه إلى المدينة، ليستوي في ذلك البطيء، والمعتدل، ويكون مبيتهم وقيامهم في السحر، ورحيلهم بأجمعهم إلى المدينة [78] . والله أعلم،،،
النتائج والتوصيات