أخرج مسلم عن طريق همّام عن أبي هريرة رفعه: "قالت الملائكة: رب ذاك عبدك يريد أن يعمل سيئة - وهو أبصر به - فقال: ارقبوه فإن عملها فاكتبوها" [19] .

وعند تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران/135] .

قال القرطبي قوله: " (ولم يصروا) قال القاضي أبو بكر بن الطيب: إن الإنسان يؤاخذ بما وَطَّنَ عليه بضميره، وعزم عليه بقلبه من المعصية، قال: وهذا الذي صار إليه القاضي هو الذي عليه عامة السلف، وأهل العلم من الفقهاء، والمحدِّثين، والمتكلِّمين.

ولا يلتفت إلى خلاف من زعم أن ما يهمُّ الإنسان به، وإن وطَّن عليه لايؤاخذ، ولاحجة له في قوله صلى الله عليه وسلم: "من همَّ بسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه، فإن عملها كتبت سيئة واحدة"، أي: أظهرها، أو عزم عليها [20] .

وقيل: من فعل المعصية، ولم يتب منها ثم همَّ أن يعود إليها فإنه يعاقب على الإصرار، جزم به ابن المبارك، وغيره.

ويؤيده أن الإصرار معصية إتفاقاً، فمن عزم على المعصية وصمم عليها كتبت عليه سيئة، فإذا فعلها كتبت عليه معصية ثانية [21] .

قال في التعريفات:

الإصرار: الإقامة على الذنب، والعزم على فعل مثله [22] .

المبحث الثاني: الإلحاد

قال في اللسان: قال أبو عبيدة: لحَد في الدِّين، يلْحَد، واَلْحَدْ: مال، وعدل، وقيل: لحد: مال، وجار، قال ابن السكيت: الملْحِد: العادل عن الحق، المدْخِل فيه ما ليس فيه، يقال: قد ألحْدَ في الدِّين، و (لحَدَ) أي: حاد عنه [23] .

وقُرِيء: {لِسَانُ الَّذِي يَلْحِدُونَ إِلَيْهِ …} - بفتح الحاء المهملة - قال الفراء: يميلون إليه (ويُلحِدون) - بكسر الحاء المهملة، يعترضون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015