لكنْ تلخص من قول صاحب الإقناع هذا وما تقدّم قبله بأسطر: أنّه إن [419] حلف على الغير يظن أنّه يطيعُه فلم يطعْه لا حِنْثَ، وإلا حنثَ، فلا كفارة في اليمين على غلبة الظن حكاه ابن عبد البر إجماعاً [420] ، وقال الشارح [421] : "لا نعلم فيه خلافاً".
وعند [422] الشافعية فيها قولان صرح بهما في شرح المنهاج [423] ، لقوله تعالى: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [424] وهذا منه، ولأنّه يكثر فلو وجبت فيه كفّارة لَشَقَّ وحصل الضررُ وهو منتف شرعاً [425] .
ولا تنعقد- أيضاً- على وجود فعلٍ مستحيلٍ ذاتاً كشرب ماء الكوز ولا ماء فيه، أو عادةً كقتل الميّت وإحيائه، وصعودِ السماء، والطيران، ولا كفارة فيها [426] .
وقال [427] القاضي [428] والشافعي [429] ، وأبو يوسف [430] : "تنعقد، وفيها الكفارة في الحال، لأنه [431] حلف على نفسه في المستقبل ولم يفعل".
وتنعقد بحلفٍ على عدم المستحيل ذاتاً أو عادةً، كقوله: "والله لا شربتُ ماء الكوز"ولا ماء فيه، أو "لا رددتُ أمس"، أو لا "قتلتُ فلانا الميّت"، وتجب الكفَّارة في الحال لاستحالة البر [432] .
الشرط الثالث: كونُ حالفٍ مختاراً لليمين، فلا تنعقد [433] من مكرهٍ عليها [434] لحديث: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" [435] .
الشرط الرابع: الحنث بفعل ما حلف على تركه، أو ترك ما حلف على فعله، كمن حلف على ترك الخمر فَشَرِبَهَا، أو صلاةِ فرضٍ فَتَرَكَهَا، فيُكفّر لوجود الحنث [436] .
ولا يحنث إن خالف ما حلف عليه مكرهاً، أو جاهلا، أو ناسياً [437] ، كما لو دخل في المثال ناسياً ليمينه، أو جاهلاً أنّها المحلوف عليها.
يمين المكره
قال الشارح [438] : فإن حلف مكرها [439] لم تنعقد يمينه.
وبه قال مالك [440] ، والشافعي [441] .
وذكر أبو الخطاب [442] [443] فيها روايتين: