أحدها: قصد عقد اليمين [384] ، لقوله تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ} [385] ، فلا تنعقد لغواً بأن سبقت على لسانه بلا قصد، كقوله: لا والله، وبلى والله في عُرْضِ [386] حديثِه [387] ، خلافاً للحنفية [388] ، ولا من نائمٍ، وصغيرٍ، ومجنونٍ ونحوهم [389] .
الشرط الثاني: كونها على مستقبل ممكنٍ ليتأتّى برّه وحنثه [390] ، فلا تنعقد على ماضٍ كاذباً عالماً به، وهي [391] الغموس، سميت بذلك لغمس الحالف بها في الإثم ثم في النّار [392] ، وكونها لا كفارة فيها قول أكثر أهل العلم [393] ،منهم: ابن مسعود [394] ، وابن المسيب [395] ، والحسن [396] ، ومالك [397] ، وأبو حنيفة [398] ، والأوزاعي [399] ، والثوري [400] ، وأحمد [401] ، والليث [402] ، وأبو عبيد [403] ، وأبو ثور [404] ، وأصحاب الحديث [405] ، لأنها أعظم من أن تُكفّر، والكفارةُ لا ترفع [406] إثمها [407] لما روى البخاري [408] "خمس من الكبائر لا كفارة لهن: الإِشراك بالله، والفرار من الزّحف، وبهْتُ المؤمن، وقتل النفس بغير حق، والحلف على يمين فاجرة تقطَع بها مالَ امرئٍ [409] مسلم".
ولما روي- أيضاً-[410] عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [411] "من الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس،، واليمين المغموس".
وقال عطاء [412] ، والزهري [413] ، والشافعي [414] وغيرهم [415] : "فيها الكفارة لأنّه وجدت منه اليمين بالله تعالى والمخالفة مع القصد".
وكذا لا تنعقد ممن حلف على ماضٍ ظاناً صدق نفسه فيبين بخلافه [416] .
وقال الشيخ [417] : "وكذا عقدها على زمن مستقبل ظاناً صدقه فلم يكن، كمن حلف على غيره يظن أنّه يطيعه فلم يفعل، أو ظنّ المحلوفُ عليه خلاف نية الحالف ونحو ذلك". قاله في الإقناع [418] .