وبه قال أصحاب الشافعي [113] ، لما رُويَ أن المقداد وعثمان- رضي الله عنهما-، تحاكما إلى عمرَ- رضي الله عنه- في مالٍ استقرضه المقداد، فجعل عمرُ اليمينَ على المقداد، فردا على عثمان، فقال عمر: "لقد أنصفك"، فأخذ عثمانُ ما أعطاه المقداد ولم يحلِف، وقال: "خِفتُ أن يوافقَ قدرٌ بلاءً فيقال: بيمين عثمان [114] .
ولا يَلزم محلوفاً عليه إبرارُ قسم كإجابة سؤالٍ بالله تعالى [115] ، ويسن الإبرار [116] لما ثبت أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإبرار المقسِم، أو القَسَم. رواه البخاري [117] .
وإنما حمل أمره صلى الله عليه وسلم على النّدب لا على الإيجاب [118] ، لأنَّ أبا بكر- رضي الله عنه- قال: "أقسمتُ عليك يا رسول الله لتُخْبِرَنّي بما أصبتُ مما أخطأتُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تقسم يا أبا بكر"، ولم يخبره. [119]
الإقسام بوجهه تعالى
وأمَّا الإِقسام بوجه الله تعالى، فقيل: حرام، وقيل: مكروه، وهو الصحيح [120] لما روى أبو داود: "لا يُسأل بوجه الله إلاَّ الجنَّة " [121] .
وتُسَنُّ إجابة السّائل بذلك [122] ، وقيل: تجب [123] ، لما روى أبو داود [124] بإسناد جيد: "من سألكم بوجه الله فأعطوه ".
وقيل [125] : يحرم، بناءً على أن ابتداء [126] السؤال بذلك حرام، فمن أجابه فقد أعانه على فعل المحرّم، وفيه شيء.
من حَلَّفَ غيرَه
ومن قال له غيره: "بالله لتفعلنَّ" فيمين [127] وفي المغني [128] : "إلاّ أن ينوي والكفارة على الحالف" [129] ، وقيل [130] : "على المحنّثِ".