قال الإمام أحمد [95]- رضي الله عنه - وذكر حديث ابن عباس- رضي الله عنهما- بإسناده في قوله تعالى: {وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأِيْمَانِكُمْ} [96] : "الرجل يحلف أن لا يصل قرابَتَه [97] وقد جعل الله له مخرجاً في التكفير، فأمره أن لا يْعتَلَّ بالله، وليُكفّرْ وليَبَرَّ " [98] .

ويستحب لمن دُعي إلى الحلفِ عند حاكم- وقيل: مطلقا- افتداءُ يمينِه، وان حلف فلا بأس [99] ، وفاقاً للحنفية [100] ، لما روى محمدُ بن كعب القرظي، أن عمر- رضي الله عنه - قال علَى المنبر وفي يده عصاً: "يا أيها النّاس لا يمنعكم اليمين من حقوقكم، فوالذي نفسي بيده إنّ في يدي لعصاً [101] .

وروى الشّعبي قال [102] : "إنّ عمر وأبيّاً -رضي الله عنهما- احتكما إلى [103] زيد - رضي الله عنه- في نخلٍ ادّعاه أبيٌّ- رضي الله عنه-، فتوجهت اليمين على عمر رضي الله عنه-، فقال زيدٌ - رضي الله عنه-: "أعْفِ أميرَ المؤمنين"، فقال عمر رضي الله عنه-: "ولِمَ يُعْفِي أميرَ المؤمنين؟ إن عرفتُ شيئا استَحْقَقْتُه بيميني، وإلا تركتُه، والله الذي لا إله إلا هو، إنَّ النَّخْل لَنْخلِي، وما لأبَيّ فيه حَق"، فلما خَرَجَا وهب النخلَ لأبيّ- رضي الله عنه- فقيل له: "يا أميرَ المؤمنين هلاَّ كان هذا قبل اليمين؟ "، فقال [104] : "خِفتُ أن لا أحْلِفَ [105] ولا يحلفُ النّاسُ على حقوقهم بَعْدي، فتكونَ سنّة" [106] .

ولأنّ الله- تعالى- أمر نبيّه - عليه الصلاة والسلام - بالحلف على الحق في ثلاثة مواضع [107] :

الأول: قوله تعالى: {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي [إِنَّهُ لَحَقٌّ} [108] .

والثاني: قوله تعالى: {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ} [109] .

والثالث: قوله تعالى: {قُلْ بَلَى وَرَبِّي] [110] لَتُبْعَثُنّ} [111] .

وقيل: يكره الحلف حينئذٍ [112] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015