".. وكان لا بد للرقيب من المرور بهذا المكان.. فلما ألقى مبروك حصاته على الشجرة تأهبنا للعمل، وانتظرنا حتى كان الرقيب تحتنا، فقذفنا بأنفسنا عليه وكاد يتغلب علينا رغم المفاجأة.. لولا أن أدركنا الرفاق من الخندقين، فأخذ بعضهم بيديه وبعضهم برجليه، وتمكنا بذلك من دفعه على وجهه.. وكان علي أن أتولى عرك أخدعه الأيمن، وعلى عبده عرك الأيسر، فما زلنا بهما حتى خمدت حركته تماماً.. وهنا جاء دور سعيد فغرس دبوساً في النقرة الخلفية من عنقه حتى مزق الحبل الشوكي.. وبذلك تمت الخطة، ونهضنا عن جسده..".

وكان (شحادة) يسرد هذه المعلومات وهو يتبع كلا منها بتمثيل عملي ويستشهد كلا من رفاقه على دوره في ذلك، فيأتي الإقرار مؤكداً لا خلاف فيه ولا غموض..

واستغرقت محاكمة القتلة قرابة الثلاثة الأشهر.. وصدر الحكم بإعدام ثلاثة منهم.. وتفاوت نصيب الباقين من السجن بين الخمس والخمس عشرة من السنين.

وكان الرقيب برهان واقفاً خارج قوس المحكمة يستمع إلى قرارها، فلم يستطيع أن يتمالك دمعتين كبيرتين تدحرجتا على وجنتيه..

إنه لا يشك في عدالة الحكم.. ولكنه يتساءل في حيرة وحرقة: لقد جاء هؤلاء ليظفروا بالشهادة في فلسطين، أو يهموا في إنقاذها، فلماذا حرموا إحدى الحسنيين؟.. ومن المسئول عن تحولهم إلى هذا المصير الحقير؟!!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015