وفي رواية عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال (1) : "لم يكن أصحاب رسول الله محتزقين ولا متماوتين، وكانوا يتناشدون الشعر في مجالسهم، ويذكرون أمر جاهليتهم، فإذا أريد أحد منهم على شيء من أمر الله دارت حماليق عينيه كأنه مجنون".
هذا مع ما روي من قوله: "إن من البيان لسحراً وإن من الشعر لحكمة". وفي رواية: "لحكما" (2) .
وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "الشعر منه حسن ومنه قبيح، خذ بالحسن ودع القبيح، ولقد رويت من شعر كعب بن مالك أشعاراً منها القصيدة الأربعون بيتاً ودون ذلك" (3) .
وروي عن أبي العالية قال: كنت أمشي مع ابن عباس وهو محرم وهو يرتجز بالإبل يقول:
إن تصدق الطير لميسا
وهن يمشين بنا هميسا
وذكر البخاري في الأدب قال: ثنا إبراهيم بن المنذر قال: ثنا معن قال: ثنا عمر بن سلام أن عبد الملك بن مروان دفع ولده إلى الشعبي يؤدبهم فقال: علمهم الشعر يمجدوا وينجدوا..
ولعل هذا المقصد وهو ألا يغلب الشعر أصحابه فيشغلهم عن القرآن.. قد تجلى في بعض الشعراء الذين انصرفوا عن الشعر إلى القرآن كلبيد بن ربيعة العامري.. فإنه عاش في الإسلام خمساً وخمسين سنة ولم يقل إلا أبياتاً أو بيتاً من الشعر..
قال الحافظ في ترجمته (4) : لما كتب عمر إلى عامله بالكوفة: سل لبيداً والأغلب العجلي ما أحدثا من الشعر في الإسلام. قال لبيد: أبدلني الله بالشعر سورة البقرة وآل عمران، فزاد عمر في عطائه.
وفي رواية: ما قلت شعراً منذ سمعت الله يقول: {ألم ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيه} .
ويقال إنه ما قال في الإسلام إلا بيتاً واحداً هو قوله:
حتى اكتسيت من الإسلام سربالا
الحمد لله إذ لم يأتني أجلي
ـ للبحث صلة ـ
---
(5) العمدة: لابن رشيق.
(6) الحاقة: 41، 42.
(7) قيل: إنه يريد بالتوحيد نوعاً من التمر معروفاً وهناك رواية (حلاوة) بدل (أحلى من) - المجلة -.
(8) يس: 69.
(9) الحاقة: 41 ـ 43.