فبدأ بالنخلة. وقال الله تعالى: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَنا} (1) . فبدأ بالنخيل قبل الأعناب، فمن أين زعم هؤلاء أن الخمر من العنب خاصة؟ (2) .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم:"كل مسكر خمر" (3) .

وقال عمر رضي الله عنه:"الخمر ما خامر العقل " (4) ؟

وقال ابن مسعود وجماعة كبيرة: المسكر خمر. حتى قال سفيان بن سعيد: باخرة النادي خمر. فمن أين جاء هؤلاء بالتفصيل بين العنب وغيره. إذلم ينزل تحريم الخمر على النبي صلى الله عليه وسلم وإنما شرابهم الفضيح لا يعرفون غيره، فلما تليت عليهم الآية بالتحريم هراقوا (5) آنيتهم، وكانت هي خمرهم، فقال قائلهم: أليس قد قال ابن عباس: "حرمت الخمر بعينها، والسكر من كل شراب".

وهذا حديث رووه عن مسعر عن أبي عون عن عبد الله بن شداد عن ابن عباس. فافهم بيان الحجة عليهم في هذا من وجوه منها: أن شعبة كان أعلم بأبي عون، وأروى عنه من مسعر، ولم يسمع شعبة هذا الحديث من أبي عون، فرواه عن مسعر، فشعبة كان أحرى أن يؤدي ما سمع من مسعر.

قال شعبة فيه عن مسعر بهذا الإسناد: حرمت الخمر بعينها، والمسكر من كل شراب.

وهم يتأولون، أن قوله "والسكر من كل شراب"تحليل لما دون السكر من الشراب، وقد جاء ما بيّن هذا حين تركوا ما بان تفسيره وأخذوا بما قد تشابه وكره، لأن ابن عباس قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أن كل مسكر حرام (6) .

وقال ابن عباس: من سرّه أن يحرم ما حرم الله ورسوله فليحرم بنبيذ الجر. وإنما كره نبيذ الجر لأنه يشتد في الجر حتى يكون مسكراً ليس لأن الظروف تحرمه.

وقال ابن عباس أيضاً:"ما أسكر كثيرة فقليله حرام ".

فكفى هذا من تأويل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015