أما الجماهير البائسة فعليها وحدها الصبر على الفاقة والحرمان، حتى يصير بها الأمر إلى مستقره من اليأس الذي يدمر الحدود ويحطم السدود، ويدفعها بقوة لا مرد لها إلى الهدم بعد البناء والاضطراب العام بعد السلام الذي طالما نعمت به في ظلالا الإيمان، حتى لَيجتاحُ الغوغاءُ البلدَ الذي كان حتى الأمس قبة الإسلام فإذا هو بين ليلة وضحاها مضرب المثل في الخراب، وإذا بالمئات الثلاث من ألوف أهلها الغافلين طعام سائغ للموت يتقاسمهم دجلة والحرائق الكاسحة فلا نرى لهم أثرا إلا من خلال رثاء ابن الرومي في مثل قوله:
لهف نفسي عليك أيتها البصر
ة لهفا يطول فيه هيامي
لهف نفسي عليك يا قبة الأس
لام لهفا يزيد منه ضرامي
ثم تتتابع حبات العقد حتى يتوقف قليلا عند اجتياح هولاكو بغداد فتزول بذلك جنة الدنيا.
وحتى حفيدة رسول الله لم تسلّم من أذاه:
وأقف هنا قليلا لألقي نظرة عجلى على ما سطرتُ من الإضافات فإذا هي تتجاوز المتوقع، مع أنها لم تكد تعدو حدود الكلام عن بيئة الرشيد.. أفأرفع القلم أم أواصل إعماله في الكشف عن بعض المخزيات التي تفوق كل ما كشفناه حتى الآن من مؤامرات الأصفهاني على حرمات الإسلام!!.
وأي حرمة أحق بالاهتمام من كرامة البيت النبوي الذي يحتل مكان القداسة من قلوب المسلمين جميعا!!. فكيف كان موقف ذلك الشعوبي من ذلك البيت المطهر وهو يزعم أنه من أشياعه ومن أجل ذلك لا يشير إلى أحد من أهله إلا بصيغة التكريم والتسليم؟!.
وسنجتزئ من أحاديث الأصفهاني عن أهل البيت بنتف يسيرة تتصل بالسيدة الفاضلة سكينة بنت الإمام الحسين وابنةِ فاطمة البتول حفيدة رسول الله وأثيرته..
وقبل التعرض لمفتريات ذلك الشعوبي على هذه الطاهرة يحسن أن نذكِّر القارئ بالجو الذي صارت إليه بعد مقتل أبيها ونكبة أسرتها في كر بلاء، وفي كل من هذه الزلازل ما يذهل العقول ويدمي القلوب فكيف بقلب سكينة العظيمة!!.