ولقد رأيتني أقف مترددا أمام ضخامة الكتاب عندما أردت التعريف به، إذ لم يكن من اليسير عليَّ قراءة سبعمائة وثلاث وستين صفحة في وقت لا أكاد أجد فيه متسعا للتنفس. ولكن سرعان ما وجدتني أتابع موضوعاته بمجرد أن وقع بصري عليها، ثم لا أستطيع بتر أي فصل دون استيفائه، حتى أتيت على الكثير منه في الأيام القليلة.. ومرد ذلك إلى الحيوية التي غمرت جوانبه، والطرافة التي جللته.. هذا إلى أن مضمون الكتاب كله ينبثق من القارة التي تهم كل مفكر مسلم. إنها أفريقية التي نريدها منطلق الإسلام الجديد، وتريدها الصليبية والشيوعية معترك الصراع الذي قد تختلفان فيه على كل شيء إلا القضاء على الإسلام.

فأنت لا تدرك السبب الذي من أجله اختار المؤلف لأفريقية صفة الخضراء، الكثير مما هو في حاجة إليه، إذ يفتح بصره - أثناء تَيْنِك الجولتين - على (بلاد تكاد تكون مجهولة لديه، ومعلومات وملاحظات عن الأوضاع الإسلامية وأحوال المسلمين لا يحسن بالباحثين الذين يهمهم هذا الأمر أن يجهلوها..) .

فأنت لا تدرك السبب الذي من أجله اختار المؤلف لإفريقية صفة الخضراء، ولكن لا تكاد تمضي معه في أنحاء تلك الأقطار حتى تؤيد ما ذهب إليه، إذ ترى الخضرة تغمر كل بقعة هناك، فتعلم من خلال ذلك السر الذي هاج كلب الاستعمار الغربي للانقضاض على تلك القارة التي منحها الله الكثير من الخصب والخير، وأودعها الكثير من الطاقات التي من شأنها - لو أحسن تنظيمها واستثمارها لمصلحة أهلها - أن تكون أنموذجا للعمران والتقدم، بدلا من التخلف الذي أسلمها الاستعمار إليه، حتى أصبحت نهبة لكل طامع من المستبدين والهدامين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015