والجواب عن مبدأ الرأى في التفسير سيأتي مفصلا في الرد على النظَّام المعتزلي ومن نقل عنه من المستشرقين في الاستدراك رقم (13) ، وأقول أيضاً: قبل أن نحكم أنهم فسروا بالرأي لابد من معرفة ثبوت الإسناد إليهم، لأنه ما روي من طريق الكلبي وعطية العوفي وأبي صالح باذام- أو باذان- أو من طريق الضحاك بن مزاحم فكل هذه الطرق ضعيفة لا تثبت، أما ما ورد من الطرق الصحيحة في التفسير بالرأي عنهم فهو من قبيل الرأي المحمود لا المذموم كآراء الزنادقة وأهل الشبهات، فآراء ابن عباس وتلاميذه لا تخلو من أربعة أمور: إما الاستنباط من القرآن والسنة وأقوال الصحابة كما سيأتي عن مجاهد بن جبير، وإما أخذوه من لغة العرب، أومن وجوه القراءات المتواترة، أو عن أهل الكتاب فيما سكت عنه أو ما وافق القرآن والسنة لأن الإسرائيليات على أنه كما قسمها شيخ الإسلام ابن تيمية إلى ثلاثة أقسام:
أحدها: ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق فذاك صحيح.
والثاني: ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه.
والثالث: ما هو مسكوت عنه، لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل، فلا نؤمن به ولا نكذبه، وتجوز حكايته لما تقدم، وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني. والقسم الأول قد ورد في الصحيحين مرفوعاً، كحديث الذي قتل مائة نفس، وحديث الأبرص والأقرع والأعمى، وكلاهما متفق عليه بل عقد البخاري باباً بعنوان: باب ما ذكر عن بني إسرائيل ((?)) ، فمثل هذا يصدق إذا وصل إلينا بالنقل الصحيح.
7- وهنا يأتي الرد على قوله في أخذ ابن عباس وتلاميذه عن أهل الكتاب فهم لا يأخذون ما خالف الكتاب والسنة، وما ورد من هذا القبيل لابد من التثبت أن أهل الأهواء قد أدخلوا على ابن عباس الكثير، وبنقد الأسانيد تفضح أهواءهم ودسائسهم بواسطة النقاد الجهابذة.