/ (العَاَلمِين) : فَاعَل بفتح العين لا يكُونُ في الصّفاتِ وَيَكُونُ في الأسماء قليلاً، وأكثر ما يوجد هذا البناءُ في الفعل إذا أردت أنَّهُ فُعِلَ بكَ مثل ما فعَلْتَهُ به، نحو: ضَارَبَني زيدٌ وضارَبْتُ زيداً، وقاتَلْتُهُ. وَقَدْ يأتي على غَيْرِ ذلك، قالوا: عَافَاكَ اللَّهُ، وَدَاينْت زَيْداً، وهذا قَليلٌ.
وإذا صَحّ ما ذَكْرتُهُ فالْعَالَمُ اسْمٌ لا صِفَةٌ، وَهُوَ اسْمٌ لِكلِّ مَخْلُوقٍ، لأنَّ المخْلُوقَ يَدُلًّ على خالقِهِ، فَقَدْ صارَ عَلامَةً تَدُلُّ عَلَيْهِ سُبْحانُهُ، فاشْتِقاقُهُ مِنْ هَذا (3) . وَقَدْ قيلَ: إنَّهُ مُشْتَقٌ مِن العِلْم، لأنَّ مَنْ نَظَرَ فِيهِ تَحَصَّلَ لَهُ الْعِلمُ بحُدُوثِهِ وافتقاره إلى موجده، والاشتقاق الأوّل أقرب.
وقد قيل: إنّ العالم إنما هو لأهل العلم من الملائِكةِ والثّقلَين: الجن والإنس، والقولُ الأوّل أشهر.
فإن قُلْتَ: فكيفَ جُمعَ بالوَاوِ والنّونِ وليسَ بِعَلمٍ في الأصل وَلا وَصْفٍ؟
قُلْتُ: هو وإنْ لم يَكُنْ وَصْفاً ففيه مَعنى الوصْفِ، ويمكن عندي أن يكون عالمٌ علماً، وتكون عَلَمِيَّتُةُ علميّة الجنس، ثمَّ نُكِّرَ ودَخَلَتْهُ الألف واللام عند الجمع والتثنية، كما قالوا: الزيدان، وجمع بالواو والنون وإن كان فيه مالا يعقل، غَلّبوا مَنْ يَعقلُ على مَنْ لا يعقلُ، وهذا على مَنْ جَعلَهُ اسماً لكلّ مُحدثِ ة وأَمَّا مَنْ جَعلُهُ مختصاً بأهل العلم فلا سؤال فيه.
وقد تقدّمَ أنَّ الأوَّلَ هُو المشهورُ، وهو الوقوعُ على كِّل مُحَدثٍ عاقلا كان أو غَيْرِ عاقل.