"رَبّ العالمين": رَبّ وَزْنُهُ فَعِلٌ بِكَسْرِ الْعَين، وَالأصْلُ: رَببَ ثم أُدْغِمِ وَلَيْسَ أصْلُهُ فَعْلاً بسكُونِ العَين، لأَنّهم قالوا في الجمْعِ أَرْبابُ، وَلَيس الأصْلُ فَعَلا بفتحِ العين؛ إذ لو كان كذلِكَ لم يُدْغم أَلا ترى الطّلَلَ والشّرَرَ لم يًدْغما، وَلَيْسَ الأصْلُ فَعُلاَ بضم العن، لأن هذا يَقِلُّ في الصّفاتِ، وفَعِلٌ بكَسْرِ الْعَين يَكْثُرُ فيها، قالوا: حَذِراً وبَطِراً، وأشِراً وعُثِراً، وهو كثيرٌ، ولا ينبغي أن يُحْمَلَ على الأقَلَِّ ما قدرت على الأكْثَرِ.

وقَولُ منَ قالَ: إنَّه وَصْفٌ بالمصْدَرِ (1) ، فيه بُعْدٌ، إذ لو كان كذلك لم يُثنّ ولم يُجْمَعْ، وَمَنْ ثنّى مثل هذا في المصَادر ثنَّاهُ على القياسِ في فعل أفعل، وذلِكَ نحو: كَفٍّ وَأكفَّ، فكونُهُ قَدْ جُمِعَ على أرْباب يَدُلُّ على بُعْدِ هذا القول.

وُيقالُ: رَبّهُ يَرُبّه إذا مَلكهُ، ويقال: رَبَّهُ يَرُبّهُ إذا أصْلُحَه. وًيصْلُحُ في رَبَّ هُنا أنْ يكُون معناه الصّلاح ومعناه الملك، لأنّهُ سُبْحانُهُ الّذي يَمْلِكُ العَالمَ والّذي يُصْلحُ العالم.

وقد نُقِلَ: "لأن يَرُبّني رجُلٌ من قُرَيشٍ خَيرٌ مِنْ أنْ يُرُبَّنِي رَجلٌ من هوازن".

فَيُحتَمل الملكُ ويُحتَمَلُ الصّلاح، ويكُونُ صِفةً، وَيَجوزُ أن يَكُونَ بدلاً لأنَّهُ اسْتُعْمِلَ

استِعْمَالَ الأسماء.

والرَّبُّ بالإضافةِ مُختَصٌّ به تَعالى، وَإِذا أطْلَقُوهُ على غيرِهِ أطْلَقُوهُ مُقيّداً، نحو: رَبِّ الدّارِ، وَرَبّ الأرْضِ، وما أشبَهَ ذَلِكَ، وُيطْلَقُ عليه تعالى مُطْلَقاً ومُقيَداً ومضافاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015