وهذه الاَية الكريمة نص عزيز في مدح هذه الأمة المحمدية لقيامها بهذا الشأن العظيم، ولقد تبوأت منزلة عظيمة في الحياة الدنيا عندما قامت به، وسفلت عندما تركته وضيعته فسامها العدوسوء العذاب فكان من شأنها ضعف في الإِيمان، وتعد لحدود الله، وانتهاك للحرمات وتشريد من الديار، وتعلق بغير الله، ولجوء إلى غيره، حتى وصل بها الحال إلى تحكيم غيرشرع الله، والرضا به، والدفاع عنه، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
يقول القرطبي عند تفسيرهذه الاَية:
مدح لهذه الأمة ما أقاموا ذلك، واتصفوا به، فإذا تركوأ التغييروتواطئوا على المنكر
زال عنهم اسم المدح، ولحقهم اسم الذم، وكان سببا لهلاكهم (1) .
خامسا: إن الله سبحانه علق الفلاح، بل حصره وقصره في القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
قال تعالى:! وولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون وهو آل عمران: 104.
يقول ابن عاشور رحمه الله:
وجملة (أولئك هم المفلحون) : معطوفة على صفات (أمة) وهي التي تضمنتها جمل: (يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكيأ، والتقدير: وهم مفلحون، لأن الفلاح لما كان مسببا على تلك الصفات الثلاث، جعل بمنزلة صفة لهم، ويجوزجعل جملة (أولئك هم المفلحون) حالا من (أمة) ، والوأو للحال ...
ومفاد هذه الجملة قصر صفة الفلاح عليهم، فهوإما قصر إضافي بالنسبة لمن لم يقم بذلك مع المقدرة عليه، وإما قصر أريد به المبالغة لعدم الاعتداد في هذا المقام بفلاخ غيرهم، وهو معنى قصر الدلالة على معنى الكمال (2) أهـ.
سادسا: إن الله سبحانه جعل القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صفة من صفات المؤمنيئ:
(1) تفسيرالقرطبي (173/4) .
(2) التنوير والتحرير (4/ 42) .
قال تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون