الفصل الثاني: مسائل تتعلق بطبيعة فَعَلٍ.
وإذا انتهينا إلى هذا من العرض، فإنا نورد هذا السؤال:
هل (فَعَلٌ) الذي مفرده (فاعل) جمع تكسير أو اسم جمع؟.
الجواب: أنه اسم جمع وإن ورد تجوزاً في عبارة الأقدمين: فَعَل جمع فاعل، أو فَعَل مفرده فاعل، وقول ابن مالك المتقدم في نظم الفوائد:
فصل في فَعَلٍ جمعِ فاعل.
جمعاً بالنقل فخذ مثلا ... الخ
فعل للفاعل قد جُعلا
فهذا من باب التجوز، وقد سبق إيضاح الفرق بين الجمع واسم الجمع بما يغني عن إعادته، فليرجع إليه هناك. وهذا الحكم ليس خاصاً ب (فَعَل) بل يشاركه ما كان مثله، مثل (فَعْلٍ) التي لها مفرد على (فاعل) ، مثل رَكْبٍ ورَاكِبٍ، وجَلْسٍ وجالسٍ، وغيرهما.
بل إن هذا الحكم في كل ما دلَ على الجَمع وضعاً، وأخذ أحكام المفرد اللفظية، وليس على صيغة من صيغ جمع التكسير.
وما نسب إلى الأخفش من القول بأن ما كان من هذا الضرب فهو جمع تكسير قول باللازم والمقتضى لأنه قال: كل ما يفيد معنى الجمع على وزن (فعل) وواحده اسم فاعل، كصحب وشرب في صاحب وشارب، فهو جمع تكسير، واحدة ذلك الفاعل ...
ومقتضى مذهب الأخفش- وإن لم يصرح به- أن يكون مثلِ صُحْبة في صاحب، وظُؤار في ظِئْرِ، وجامل في جمل، وسَراة في سري، وفُرْهة في فاره، وغزِيّ في غاز، وتُؤَام في تَوْأَم، وغَيَبَ وخَدَم وأَهَب في خادم وغائب وإهاب، وبَعَد في بعيد، ومشيوخاء ومعيوراء ومأتوناء في شيخ وعير وأتان، ومَعِيز وكَلِيب في معز وكلب، ومشيِخة في شيخ، وعمد في عمود، كل ذلك جمع مكسر، إذ هي مثل ركب وسفر ونحوهما لأنّ الجمع من تركيبه لفظاً يقع على مفرده [76] .