ضرب وضع للدلالة على الجمع. وضرب يصلح للدلالة على الجمع وغيره، والاستعمال هو الذي يعينه.

فالضرب الأول: مثل نفر، وهذا اسم جمع، وهو يوافق الجمع في أنه وضع للدلالة على الجمع، ويخالفه في أنه جاء على غير صور الجمع المعروفة، والأحكام اللفظية من تصغير، ونسب، وعودة ضمير، وإشارة إليه، كما تقدم.

والضرب الآخر: مثل ولد وبشر، وهذا اسم جنس جمعي، وهو يخالف الجمع، واسم الجمع في "أنه في الأصل وضع للماهية، سواء أكانت مشخصاتها قليلة أو كثيرة، فالقلة والكثرة فيه غير داخلتين في نظر الواضع، بل إنما وضعه صالحاً لهما، بخلاف اسم الجمع ... " [73] .

ولزيادة الإيضاح نفرق بين الجمع واسم الجنس الجمعي، فنقول: إن اسم الجنسي الجمعي يوافق اسم الجمع في الناحية اللفظية، لأن لفظه لفظ المفرد مثل روم وتمر. ويخالف الجمع في هذا، لأن للجمع صيغاً معدودة، واسم الجمع، واسم الجنس الجمعي يردان على خلافها لأنه مفرد لفظاً. أما الناحية المعنوية فقد تقدمت.

واسم الجمع واسم الجنس الجمعي- وإن اتفقا في عدم ورودهما بلفظ الجمع- يختلفان لفظا ومعنىً. أما اللفظ فاسم الجمع لا يتميز من واحدة بالتاء أو الياء. وأما المعنى فكما تقدم من أن دلالة اسم الجمع وضعية، بخلاف اسم الجنس الجمعي. هذا رأي جمهور البصريين، وخالفهم الكوفيون، فعدوا اسم الجنس الجمعي من جموع التكسير. وهو مردود عليهم من جهة اللفظ والمعنى، إذ يصغر وينسب إليه على لفظه، ويعود الضمير إليه مفرداً. كما تقدم في اسم الجمع، وأما المعنى فبتغاير المدلولين، كما سبق [74] .

والمتأخرون حين قيدوا اسم الجنس بوصف (الجمعي) أرادوا التفريق بينه وبين اسم الجنس الإفرادي، وهو ما صدق على القليل والكثير، ولم يفرق بينه وبين واحدة بالتاء أو الياء كعسل ولبن وماء وخل وتراب. والتفريق بينه وبين اسم الجنس الأحادي، وهو ما أريد به واحد غير معين، مثل أسد [75] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015