ويفرق بينه وبين الجمع أن دلالة الجمع على الجمعية وضعية، وأما دلالة اسم الجنس على الجمعية فراجعة إلى الاستعمال، أي: أن هذا النوع (وضع في الأصل للدلالة على الماهية، فهو صالح للقليل والكثير، ويفرق بينه وبين مفرده عند قصد التنصيص على الوحدة بالياء، مثل عرب وعربيّ، أو بالتاء، مثل بقر وبقرة، والأكم والأكمة) . وقد يعرض له في الاستعمال ما يوجب إطلاقه على معنى الجمع كالكلم، والأكم (المواضع المرتفعة) إلا أن هذا قليل [57] .
وهذه التاء التي تدخل أسماء الأجناس لا تفيد التأنيث، وإنما تفيد الوحدة أو التنصيص على الوحدة، لصلاحية هذه الأسماء للقليل والكثير. ولحاق التاء قياسي في أسماء الأجناس من المصادر، كما هو معروف في اسم المرة، وغالبي في أسماء الأجناس من المخلوقات، كتمر ونخل وحمام. وسماعي في أسماء الأجناس من المصنوعات كسفينة وسفن، ولبن ولبنة، وقَلنسوة وقَلنس [58] .
وهذا الضرب ليس من الضروري التفريق بين جمعه وواحده بالياء أو التاء؛ لأن التفريق راجع إلى الاستعمال، ومراد المتكلم كما تقدم.
وقد ورد على وزن (فَعَل) من هذا الضرب ألفاظ منها:
الأسل: وهو نبات له أغصان كثيرة دِقاق، بلا ورق، واحدته أسل، والأسل: الرماح، والنبل، وشوك النخل، واحدته أسلة.
وروي عن علي (رضي الله عنه) أنه قال: (لا قود إلا بالأسل) فالأسل عند علي: كل ما أُرِقَّ من الحديد، وحُدِّدَ من سيف أو سكين أو سنان.
وجمع الفرزدق الأسل: الرماح أسلات، فقال:
عَضْبٌ برونقه الملوك تُقَتَّلُ
قَدْ مات في أسلاتنا، أو عَضَّهُ
أي: في رماحنا، وقيل للقنا: أَسَلٌ لما ركب فيها من أطراف الأسنة [59] .