29 - مالكي تنشق عن وجهه الحر

وكلا الصورتين - على أنهما إرث متداول - تعطي مضمونها اتساعاً وسطوعاً. ومحاولة العثور على معنى ثالث يضاف إلى سجايا الممدوح لن تخرج بطائلِ. فلنوطّن أنفسنا على أن ننساب مع الشاعر في جدول هاتين السجيتين، ليقدم لنا أولاً بيانًا تحليليًا لمضمون الشجاعة والكرم:

ة والبأس والندى والوفاء

30 - أيها السائلي عن الحزم والنجد

ومزيداً من مثلها في الغناء

31 - إن تلك الخلال عند ابن سلم

فمن الشجاعة يتفرع الحزم والنجدة والطاقة القتالية - البأس - ومن الكرم يطلع البذل - الوفاء - وهو الوجه العملي للكرم. وثاني البيتين رديف تقريري لما قبله، والإيهام بالمبالغة في شطره الثاني لا يكسب المعنى ثراء بعد التحليل الدقيق آنفًا.

ويضيف بشار إلى المقياس التحليلي تقديراً كميّاً لكرم ممدوحه، وهو"كمّ "يفوت العدّ أو الحصر متى قورن بالسحاب المنتشر يصوب على القاصي والداني.

لقريب ونازح الدار نائي

32 - كخراج السماء سيب يديه

وهو تقدير مقصود إذ لم يجد في صورة "البحر" المكرورة وفاءً بغرضه على حين وجد الصورة في البيت (29) تفي بقياس شدة الشجاعة والحمية فلم يدعمها بصورة أخرى. وبعد التحليل والتقدير يأتي الشاعر بالدليل، إن هناك وجهاً أو شاهداً عملياً للكرم، وهو البذل التلقائي للعفاة، لا يستخرجه سؤال سائل، فيتوافد الفقراء إلى موائده كما تهتدي الطير إلى مساقط الرزق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015