وقد استدل العلماء لحمل المطلق على المقيّد في هذه الحالة (حالة اتحاد الحكم والسبب) بأن هذا الحمل فيه جمع بين الدليلين المطلق والمقيد؛ لأن العمل بالمقيد يلزم منه العمل بالمطلق، ذلك أن المطلق جزء من المقيد، إذ المقيد مركب من جزئين المطلق جزئه الأول، والمقيد جزئه الثاني، فمثلا ٍ {رَقَبَةٍ مُؤْمِنَة} مقيد قيدت الرقبة بوصف وهو الإيمان وهذا المقيد مكون من جزئين أحدهما رقبه والثاني مؤمنة فلفظ {رَقَبَةٍ} وحده مطلق وهو هنا جزء من المقيد الذي هو الكل، وإذا كان المطلق جزءًا من المقيد والمقيد كلا، فإنه حينئذ يكون الإتيان بالمقيد مستلزما للإتيان بالمطلق؛ لأن الآتي بالكل آت بجزئه، فإذا كان المكلف قد كلف بعتق رقبة مطلقة في نص وكلف بعتقه رقبة مؤمنة في نص آخر، فأعتق رقبة مؤمنة يكون آتيا بموجب النصين، وعاملا بالدليلين لأن المطلق يفيد جواز الإتيان بأي رقبة سواء كانت مؤمنة أو غير مؤمنة.

فإذًا الرقبة المؤمنة وهي المطلوبة في النص المقيد فرد من أفراد المطلق سيكون معتقها منفذا للأمرين معا.

وأما إذا لم يحمل المطلق على المقيد في هذه الحالة (حالة اتحاد الحكم والسبب) فإن عدم الحمل يكون إعمالا لأحد الدليلين وهو المطلق وإهمالا للآخر وهو المقيد؛ لأن العمل بالمطلق لا يلزم منه العمل بالمقيد لأن المطلق كما ذكرنا يفيد جواز الإتيان بأي فرد ففيما ذكرنا إذا أعتق المكلف رقبة غير مؤمنة فقد عمل بالمطلق فقط وأهمل المقيد. وإهمال الدليل لا يجوز فيجب المصير إلى إعمال الدليلين وذلك بحمل المطلق على المقيد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015