فالأوروبيون كان أملهم ضعيفا في استراد الأراضي المقدسة بعد أن حاولوا ذلك سنين طويلة، بالإضافة لانشغالهم بخلافاتهم الداخلية، وكون دولتهم لازالت في دور التكوين والنشوء في ظل حركة القوميات الحديثة [83] . فلم تكن إيطاليا موحدة، وكذلك ألمانيا، وكانت أرغون وصقلية مشغولتين بصراعهما.

والمغول في إيران كانوا حكاما لبلاد إسلامية من الصعب عليهم- كحكام غير مسلمين- السيطرة على شعوب مسلمة لفترة طويلة وسوقها لمحاربة مسلمين، مما كان يضطر بعضهم إلى مصانعة المسلمين، ويضطر البعض الآخر إلى اعتناق الإسلام ومصادقة المماليك، ومحاولة الابتعاد عن الأوروبيين، ولا يخفى أن اعتناق بعض الإلخانات للإسلام كان يتسبب في فتور همته في عدائه للمسلمين.

يضاف إلى ذلك أن تحالف مغول القبيلة الذهبية المتواصل مع المماليك وتعاونهم الفعلي معهم لدفع خطر أقربائهم مغول فارس، وتهديدهم لحدودهم، كان يخفف من حدة توجه هؤلاء نحو بلاد الشام ويشل قوتهم.

أما نصارى الشرق فقد وقفوا مواقف متفاوتة من المغول والأوروبيين فقد أحجم بقايا الصليبيين في الشام عن التعاون معهم، ونظروا للمغول نظرة شك وخوف، بل وتعاونوا أحيانا مع المماليك ضدهم، بينما اقتصر تعاون نصارى بلاد الشام مع المغول على إظهار السرور بانتصاراتهم وإظهار الشماتة بهزائم المسلمين بطرق غوغائية، واحتفالات مهرجانية لا يلبثون أن يتلقوا العقوبة عليها. ولم تكن جهودهم تتجاوز ذلك لأن خبرتهم التاريخية أقنعتهم بعدم جدوىَ ذلك [84] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015