ولم تكن هذه الأحداث سوى ومضة أيقظت الشعور بالأمل عند المسلمين على تخوف وحذر فأحداث التيمورية روعت المسلمين وأعاثت في الأرض الفساد والدمار، والاضطرابات الداخلية تهز كيان المسلمين ليل نهار، ولاسيما تلك الدويلات المتناثرة المتناحرة في اليمن والحجاز، وبلاد الجزيرة، وبلاد فارس تتنازعها دويلات عدة، والشام ومصر تحت حكم المماليك وأقاليم إفريقيا ليست بأحسن حالاً مما سبق، فكانت الحالة السياسية بالنسبة للمسلمين منذرة بخطر، مهددة بكوارث في الأنفس والممتلكات، إلا أن بارقة أمل لاحت للمسلمين في مصر حينما قيَّض الله في مطلع القرن الثامن الهجري الملك الناصر محمد بن قلاوون وكان رجلاً صالحاً ذا حكمة وبعد نظر باشر الأحداث السياسية في سن التاسعة وحدثت له تطورات في الشطر الأول من القرن الثامن استطاع الملك الناصر أن يرفع ميزان القوى عند المسلمين ويذكي جذوة الإيمان إلا أن الأجل لم يمهله لتوطيد الدولة الإسلامية بالصورة التي توقف الأعداء أو تقطع دابرهم إذ توفي في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة بعد أن وضع ركائز جيدة لدولة إسلامية رشيدة استخلف عليها ابنه سيف أبو بكر الذي لم يقدر على لمّ شعت إخوته واحتواء خلافاتهم فانفرط العقد بينهم وبدأ المسلمون المعاناة من جديد، من كثرة نفوذ الأمراء، وتفشي الظلم، وكثرت الأسباب التي أدت إلى سقوط دولة المماليك البحرية في سنة أربع وثمانين وسبعمائة، وظهرت دولة المماليك الجراكسة وأول ملوكهم الملك الظاهر برقوق بن أنس الذي أشعل الحرب بينه وبين سابقيه مما أدى إلى تفريق كلمة المسلمين وإضعافهم.
2- حالة المجتمع في هذا العصر: