إن هذا الإسلام لا ينقص بالتهاون في حقوق الله، والاستهانة بشعائر الدين، فإذا وقع عنده صدام بين عبادات وأعمال سياسية واجتماعية طغت الأعمال السياسية على العبادات والصلوات، ولذة التقريب والمناجاة، وإذا حدث له شيء أو شغله أمر من تحرير في صحيفة أو خطاب في حفل أو قيادة لموكب أو رفع لاحتجاج أو قضية في برلمان أو حديث في مأدبة ومسامرة في عشاء أو نزهة في حديقة، وحتى فنجان شاي بين الأصدقاء نسي ما عليه من حق الله، وهو في الأشغال والنشاطات، وفي المشكلات والأزمات أولى بالطاعات وأحق بالدعاء والتضرع والمناجاة، وأحوج إلى العبادة والعبودية، دون الأوضاع الهادئة والظروف العادية، فلا اعتبار بطاعة لم تصطدم بما يهواه الطبع، وعبادة لم تشق على النفس، إنها درجات في إسلام ولكنه على كل حال إسلام المسالمين، أما إسلام المسلمين فهو لا يقبل ((على ما يرام)) ولا يؤمن بمبدأ ((الدين للديان والوطن للجميع)) ولا يجمع بين الخطب الدينية في المحافل، والترفيه بالبرامج العارية الراقصة، الفاسدة المفسدة بعد صلاة العشاء بين أولاده وأفلاذ أكباده.
إنه لا يؤمن بالجمع بين حضارة الغرب وعقيدة الإسلام، والزي الإسلامي والحياة الأوربية، والجمع بين لغة الحديث والقرآن وأفكار لينين وسارتر وماوتسي تونغ.
إنه لا يؤمن بالجمع بين عبد الباسط وأم كلثوم، والجمع بين المصاحف المرتلة والموسوعات الفقهية، وأغاني صباح، وفيروز وشادية، أو الجمع بين ((المجتمع)) و ((البلاغ)) و ((البعث الإسلامي)) وبين روز اليوسف و ((الموعد)) و ((الطليعة)) .