فإن قلت وأي الجنسين كان يتحمل تبعة قلة التزوج في المدن؟ أقول بلا تردد ولا شك الرجال، لأن كل امرأة أيم سواء كانت غنية أم فقيرة كان قلبها يحترق شوقا إلى الزواج، حتى إن الإنسان لا يجد موضوعا يتكلم فيه مع الأيم ليسرها ويطيب نفسها أحسن ولا مماثلا لموضوع الزواج، ولا سيما إن كانت من أولئك البائسات اللاتي تسلط عليهن أحد لصوص الزواج (هايرات شفندلر) فإن هؤلاء اللصوص المجرمين كم أهلكوا من فتيات كن كأزهار الربيع في غاية التألق والسعادة والنعيم فنقلوهن إلى جحيم الشقاوة وقضوا عليهن القضاء الأخير. وهؤلاء الشياطين يردون المدن في صورة شبان قد بلغوا الغاية في الجمال والتأنق وأجادوا كل شيء يغري الفتاة ويسيل لعابها من حسن الهندام والظرف ولطف الحديث وإتقان جميع أنواع الرقص والتبذير في النفقة، وحسن الذوق في انتقاء جميع الأشياء وانتقادها. وهؤلاء لهم أسماء متعددة وكلها من أسماء البيوتات الأرسطقراطية. وقد تكون لهم هويات جوازات متعددة تثبت ذلك ولا يصيدون إلا بنات كبار الأغنياء فيظهر اللص أولا للفتاة أنه ابن أمير أو غني كبير, ويذهب أمامها إلى البنك ويخرج مبالغ كبيرة من المال أو يبعث برقية إلى أحد شركائه فيأتيه المال في الحال، وترى تلك الفتاة صورة الفتيات اللاتي أوقعهن سوء طالعهن في حبالته ومكاتباتهن معه، فترى جمالهن وعلو أدبهن وكونهن من بنات البيوتات فتزداد استهواء وفتنة حتى إذا نضجت ثمرة خداعه وعميت الفتاة وطاش لبها، تظاهر بتأخر حوالة عظيمة كان قد طلبها من أبيه واخترع لذلك عذرا، فتقوم الفتاة الغرة وتأتيه بالمبلغ الذي يريده من المال فيأخذه، ولا يعسر عليه أن يخترع سببا لسفر عاجل وأنه سيرجع إليها, فيكون آخر العهد به، وقد يتركها في بعض الأحيان حاملا، ولكن هذا نادر جدا لأنهم يحتاطون للحمل باستعمال الوسائل المانعة منه، ولا يكادون يتساهلون فيها إلا بعد عقد النكاح بصورة رسمية.