وأما قولكم: إن القلم أحد اللسانين، وإن المرأة لجهلها بهذا اللسان وضرب الحجاب الشديد تأمن شر اللسانين، فقد أخطأتم في ذلك خطأ فاحشا. ألم تعلموا أن الفتاة التي ساءت تربيتها لا يمكن صيانتها ولو جعلت في حق وكانت صماء بكماء، والفتاة التي ربيت على العفاف والتحصن لا يصل إليها سوء ولو كانت بين الرجال في غير ريبة، وقد كانت النساء يرافقن رجالهن في الغزوات، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصحب معه نساءه في الغزو والحج، وكانت نساء الصحابة غير قابعات في بيوتهن بل يخرجن لأشغالهن إن كانت، ويعلفن الخيل، ويكدحن في أموالهن، وكان النساء يغزون بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك مسطور في كتب الحديث لا نطيل بذكره، فلم يضرهن ذلك لقوة إيمانهن وكمال عفافهن.

والحاصل أن تعلم الكتابة والقراءة لا يصير المرأة فاسدة ولا صالحة وحده، فإن كانت صالحة فإن تعلمها الكتابة والقراءة يزيدها سلاحا, وإن كانت تربيتها فاسدة فبتعلمها تزداد فسادا؛ لأن العلم بالقراءة والكتابة آلة صالحة للاستعمال في الخير والشر معا.

وأما تعليم سورة النور فهو من أعظم ما أدب الله به المسلمات، وهو كنز عظيم، وذخر جسيم، ولكن ينبغي للفتاة أن لا تهجر غير هذه السورة من القرآن، وسبيل تعليم القرآن هو القراءة، والقراءة لا تنفع إلا بمعرفة المعنى، ومعرفة المعنى لا يمكن إلا بتعلم النحو والصرف واللغة، ولا بد لمن تتعلمه من القراءة والكتابة وأنتم منعتم ذلك, فهذا تناقض منكم وأنتم لا تشعرون.

يصيب وما يدري ويخطي وما درى

وكيف يكون النوك إلا كذلكا

وأما تعليم المغزل فهو حسن، ولكن أهم منه في المدن على الأقل تدبير المنزل وتدبير الصحة والتمريض وما أشبه ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015