إن منعكم المرأة من التعلم أو حصره في قراءة حروف المصحف دون فهم لمعنى ما تقرؤه منه، في غاية البعد عن الصواب، فلا هو إسلامي، ولا هو عقلي أو علمي محض، وإن زعمتم أنه موافق للإسلام وذهبتم في ذلك كل مذهب، حتى احتججتم بحديث واه ساقط لا تقوم به حجة عند أصحاب الحديث، هذا من جهة الرواية، وأما من جهة المعنى فهو باطل، فإن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كن يقرأن، ويكتبن، وغيرهن من الصحابيات، والتابعيات، والحافظات المحدثات، اللاتي روى عنهن الحفاظ.. حتى إن كتب أسماء الرجال: كتهذيب التهذيب، والميزان، ولسان الميزان، والخلاصة، وقبلها طبقات ابن سعد وغير ذلك كلها مشحونة بأسماء عالمات وفقيهات وأديبات, ذلك في زمان عظمة الإسلام حين كانت راياته منصورة وجيوش أعدائه مكسورة مدحورة.
وأما آباؤكم المتأخرون الذين تريدون أن تقتدوا بهم في تجهيل النساء، فلم يكونوا قط أهلا للاقتداء بهم، فإن زمانهم هو زمان الجاهلية الآخرة، وكل الذي يقاسيه الإسلام اليوم فهو نتيجة أعمالهم، ومع ذلك لا نسلم لكم أن أهل العلم من آبائكم كانوا يقولون بهذا القول المرذول، وكيف وقد كان في زمانهم عالمات أديبات، وإن كن قليلات، فلم ينقطع الخير عنهن بالمرة.