وهو قوله تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} [97] فهو في التقدير: أفمن زين له سوء عمله فله عذاب شديد أما من آمن وعمل صالحاً فله مغفرة وأجر كبير فحذف لفهم المعنى.
وقيل الخبر محذوف تقديره كمن لم يزين له سوء عمله كقوله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ} [98] .
وقال الكسائي: "تقديره: ذهبت نفسك عليهم حسرات لدلالة قوله تعالى: {فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} "وقيل تقديره: كمن هداه الله لدلالة قوله تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} وإلى الرأيين الأخيرين ذهب الزجاج [99] ، وما ذهب إليه الأخفش في الآية الكريمة لم يشر إليه الزمخشري وأبو حيان.. وتأتي إلى الآية الثانية وهي قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ..} إلى آخر الآية كيف قدر النحاة خبر إن؟.
ذهب ابن عصفور [100] والزمخشري وأبو حيان- إلى أن الخبر قوله تعالى: {أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّات} ، وما بين المبتدأ والخبر اعتراض.
أو الخبر هو من أحسن عملاً، والرابط محذوف والتقدير منهم.
ويحتمل أن تكون الجملتان خبرين لإن على مذهب من يقتضى المبتدأ خبرين فصاعداً من غير شرط أن يكونا في معنى خبر واحد [101] .
ونصل بعد ذلك إلى قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ…} وهي الآية التي كثر تداولها في كتب النحو دليلاً للأخفش على جواز الربط بالمعنى، ذهب جمهور النحاة إلى أن الرابط في الآية هو العموم [102] الموجود في {الْمُصْلِحِينَ} لأن المصلحين أعم من المذكورين، وذكر أبو البقاء أن الرابط لجملة الخبر محذوف والتقدير منهم [103] ويمكن أن يكون الخبر محذوفاً والتقدير مأجورون.