أجمع النحاة على جواز إحلال الظاهر محل الضمير في الربط وذلك في مقام التفخيم والتعظيم بشرط أن يكون الاسم الظاهر بلفظ الأول كقوله تعالى: {الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ} .
وقد أجاز الأخفش في الجملة الخبرية أن يكون رابطها إعادة المبتدأ بالمعنى كما لم يستبعد ذلك ابن عصفور إلا أنه وصفه بأنه قليل جداً [92] .
وقد استدل الأخفش بقوله تعالى: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [93] فإن وما بعدها خبر لمن الأولى ولا ضمير في الجملة الخبرية يعود عليها فيكون الرابط عند الأخفش إعادة المبتدأ بمعناه إذ المعنى عنده فإن الله يضله [94] ، ومما استدل به الأخفش أيضاً قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا} فقوله: إنا لا نضيع إلى آخر الآية جملة في موضع رفع خبر إن الأولى وليس في جملة الخبر ضمير يعود على اسم إن، فالرابط إعادة المبتدأ بمعناه إذ التقدير عند الأخفش إنا لا نضيع أجرهم، ومثل هذه الآية الكريمة قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِين} ، فالذين: مبتدأ، وجملة إنا لا نضيع أجر المصلحين هي الخبر، والرابط إعادة المبتدأ بمعناه فإن المصلحين هم الذين يمسكون بالكتاب.
وهذا الذي استدل به الأخفش لا حجة له فيه:
أما قوله تعالى: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ} [95] فقد رأى ابن عصفور والزمخشري وأبو حيان أن الخبر محذوف، وقد حذف عند ابن عصفور [96] لدلالة ما تقدم عليه.