ويقول سبحانه: {.. وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} .
هذه هي الأخوة الحقيقية في الله، وما أقواها صلة وأبقاها أثرا وأحفلها نتائج، ومن نتائجها انتشار هذا الدين الإسلامي في العالم كله من يوم نزول القرآن العظيم إلى قيام الساعة.
وأثر الإخاء في التعامل بين الناس يوجب العدل والإنصاف والنصح، ويحول دون الإضرار، أو الكسب الحرام، أو الغش، أو الاحتكار، فهو ضابط أخلاقي, له وزنه في الميزان الاقتصادي وحسن التعايش بين الناس.
ثانيا ـ الإحسان:
الإحسان في الإسلام لا يمكن أن نجد له شبيها لمفاهيمه ودلالته عند غير المسلمين، لأنه نابع من شرع الله الذي أبدع كل شيء، وهو يلي مرتبة الإيمان.
فهو مفهوم إسلامي صرف. وقد عبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا التعبير الجامع الشامل: "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك".
وهذه العبادة أو هذه الرقابة لله، ومن الله، لا تترك مجالا للمسلم أن ينحرف عن الصراط السوي، وإذا ما زاغ بعض الشيء تذكر رقابة الله عليه فعاد إلى الجادة، وأصلح ما فسد منه، وهذه هي حقيقة التقوى لأن التقوى هي رقابة الله في كل شيء.
وهذا غاية التوجيه الأخلاقي للفرد وللجماعة، لأن التعاليم الإسلامية تهدف إلى تحسين أوضاع الفرد، فهو اللبنة التي تبني منها الجماعو. فصلاح الجماعة متوقف على صلاح الفرد، والتلازم بينهما وارد والاعتبار هو للجماعة، لأن المصلحة الفردية تتوقف عند اصطدامها بمصلحة الجماعة، ومصلحة الجماعة لا تعتبر إلا إذا كانت مصلحة عامة يقرها الشرع.
وقد كتب الله الإحسان على كل شيء حتى في القتل والذبح.