قال يحيى بن سعيد: "سألت شعبة وسفيان بن سعيد وسفيان بن عيينة ومالك بن أنس عن الرجل لا يحفظ أو يتهم في الحديث قال: قالوا جميعاً: بين أمره" فكل من كان متهماً في الحديث بالكذب أو كان مغفلاً يخطئ الكثير فالذي اختاره أكثر أهل الحديث من الأئمة أن لا يشتغل بالرواية عنه ألا ترى أن عبد الله بن المبارك حدث عن قوم من أهل العلم فلما تبين له أمرهم ترك الرواية عنهم.
الباب الثالث
تعريف الحديث الضعيف وأنواعه
تعريفه: عرفه ابن الصلاح بأنه هو: "كل حديث لم تجتمع فيه صفات الحديث الصحيح ولا صفات الحديث الحسن"
وعرفه ابن دقيق العيد بأنه: "هو ما نقص عن درجة الحسن" وهذا هو التعريف المختار. لأن ما لم تجتمع فيه صفات الحسن فهو من الصحيح أبعد ولأنه لو اختلت بعض صفات الصحيح كخفة الضبّط مثلاً لا يكون ضعيفاً وإنما يكون حسناً.
والأولى من ذلك أن يقال في تعريفة: هو ما لم تتوفر فيه صفات القبول وأنواع الحديث الضعيف كثيرة منها ما يعود إلى اتصال السند ومنها ما لا يعود إلى اتصال السند وإنما إلى أسباب متعددة تكون في السند أو المتن أو فيهما معاً.
وأنواعه كثيرة أوصلها ابن حبان إلى تسعة وأربعين نوعاً. وبلغ بها العراقي إلى اثنين وأربعين وبلغ بها غيرهما إلى ثلاثة وستين نوعاً، وزاد آخرون على هذا العدد.
والحاجة لا تدعو هنا إلى تعداد أنواع الحديث الضعيف لأنها مبسوطة في كتب علوم الحديث. وهذه الأنواع متفاوتة الضعف ويمكننا حصر ذلك التفاوت في ثلاثة أقسام:
الأول: الموضوع وهو أشر أنواع الضعيف، وما قيل في إسناده كذاب أو وضاع.
الثاني: أخف من سابقه قليلاً، لكنه شديد الضعف، وهو ما قيل فيه متهم أو مجمع على تركه أو ضعفه أو ذاهب الحديث أو هالك أو منكر أو ساقط أو ليس بشيء أو ضعيف جداً.