وإن لم يكن من أهل الصناعة فعليه أن يتعرف على ذلك من مظانه، كالكتب المشهود لها بالصحة، أومن أقوال العلماء المعتبرين في هذا الفن، حتى لا يتعرض للوعيد الشديد الصادر من فيه صلوات الله وسلامه عليه، المتقدم ذكره، إذا نسب حديثاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منه براء، إذا لم يرد من وراء ذلك بيان حاله لأنه يترتب على الأحاديث الأحكام الشرعية والأمور العلمية، فإذا كان الحديث ضعيفاً كيف يسوغ أن ينسب ذلك القول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لم يصدر عنه.
والاشتغال في تمييز الحديث الضعيف من الصحيح أولى من الاشتغال في تمييز الصحيح من الحسن أو العكس لأن كلا القسمين من المقبول، ويعمل بهما إلا إن احتيج إلى ذلك عند التعارض للترجيح.
وقد نهض أئمة هذا الشأن ببيان حال أكثر الأحاديث من صحة أو ضعف أو وضع وأصَّلوا أصولاً متينة، وقعدوا قواعد رصينة، من أتقنها وتضلع بمعرفتها أمكنه أن يعلم درجة أي حديث ولو لم ينصوا عليه وذلك هو علم أصول الحديث أو مصطلح الحديث.
قال الحافظ ابن حجر: "السبيل لمن أراد الاحتجاج بحديث من السنن الأربعة لا سيما سنن ابن ماجة ومصنف ابن أبي شيبة ومصنف عبد الرزاق مما الأمر فيه أشد، أو بحديث من المسانيد لأن هذه لم يشترط جامعوها الصحة والحسن: أنه إن كان أهلاً للنقل والتصحيح فليس له أن يحتج بشيء من القسمين حتى يحيط به. وإن لم يكن أهلاً لذلك فإن وجد أهلاً لتصحيح أو تحسين قلّده، وإلا فلا يقوم على الاحتجاج كحاطب ليل، فلعله يحتج بالباطل وهو لا يشعر".
ونحو ذلك قال زكريا الأنصاري في فتح الباقي شرح ألفية العراقي.