وقال السخاوي مشيراً إلى حديث سمرة المتقدم: "وكفى بهذه الجملة وعيداً شديداً في حق من روى الحديث وهو يظن أنه كذب فضلاً أن يتحقق ذلك ولا يبينه لأنه صلى الله عليه وسلم جعل المحدث بذلك مشاركاً لكاذبه في وضعه".
والكذب على الله تعالى وعلى رسوله بالجملة معلوم تحريمه من الدين ضرورة فإن القرآن مملوء بذلك في حقه تعالى والسنة في حق رسوله صلى الله عليه وسلم ولأن الإفتراء على الرسول افتراء على الله عز وجل.
بيان معنى فليتبوأ: فليتبوأ: أي فليتخذ لنفسه منزلاً، يقال تبوأ الرجل المكان إذا اتخذه سكناً، وهو أمر بمعنى الخبر، أو بمعنى التهديد، أو بمعنى التهكم، أودعا على فاعل ذلك: أي بوأه الله ذلك.
وقال الكرماني:يحتمل أن يكون الأمر حقيقة، والمعنى من كذب فليأمر نفسه بالتبؤ ورجح أنه أمر بمعنى الخبر. ووافقه الحافظ ابن حجر عليه مستدلاً بحديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الذي يكذب عليَّ يبنى له بيت في النار" (1) .
الباب الثاني
وجوب معرفة الحديث الصحيح من الضعيف
يجب على المشتغل في الحديث النبوي الشريف، أن يبذل قصارى جهده في معرفة الحديث الصحيح من غيره، إذا كان من أهل الصناعة، حتى يتبين له الحديث الصحيح الذي تتوفر فيه شروط الصحة أو الحُسْن المعروفة من ضبط وعدالة واتصال وسلامة من شذوذ وعلة من الحديث الذي لا يتوفر فيه ذلك أو بعضه.