الآية الثالثة عشرة: في قوله تعالى: {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً. وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطاً. وَالسَّابِحَاتِ سَبْحاً. فَالسَّابِقَاتِ سَبْقاً. فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً. يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ. تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ. قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ. أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ. يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ. أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً نَخِرَةً. قَالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ. فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ. فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ} . الآيات: (1-14) من سورة النازعات.
يقسم الله سبحانه وتعالى في الآيات الخمس الأولى بطوائف مختلفة من الملائكة ذوات صفات مختلفة، وجواب هذا القسم قد اختلف فيه العلماء، والرأي- فيما يبدو لي- ما ذهب إليه الفراء من أنه محذوف تقديره لتبعثن، وهذا الجواب المحذوف هو العامل في ظرف الزمان في (يوم ترجف الراجفة) .
وتتضمن آليات التي وردت بعد هذا القسم أن البعث سوف يكون في يوم تقع فيه نفختان: النفخة الأولى (الراجفة) التي تميت كل شيء بإذن الله، ثم تتبعها النفخة الثاني (الرادفة) التي تحي كل شيء بإذنه تعالى، وفي هذا اليوم تضطرب قلوب الكافرين أشد الاضطراب، ويصيبها من الخوف والهلع أشدّ ما يكون عليه الخوف والهلع. وفي هذا اليوم تخشع أبصار الكافرين وتذل، وتغشاها الكآبة ويملأها الغم والهم والحزن والحسرة، وتنظر نظرات من يترقب نزول البلاء العظيم.
هؤلاء الكافرون الذين تجف قلوبهم في هذا اليوم وتخشع أبصارهم هم الذين كانوا يقولون في الدنيا منكرين مستهزئين مكذبين بهذا اليوم، مستبعدين وقوعه كل الاستبعاد، متعجبين من أن يكون: "أإنا لمردودن إلى الحياة بعد موتنا في الحافرة، أنردّ إليها ونحن عظام نخرة بالية أشد ما تكون بعدا عن الحياة؟! إن هذا لشيء عجاب!! ".