وقد أفاد هذا الاستفهام: {أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} أفاد الإنكار والتكذيب والاستبعاد والتعجب، فقد أنكروا رجعهم أحياء من بعد أن يصيروا ترابا، وكذبوا به، واستبعدوا وقوعه، وعجبوا أن يكون.

وجواب إذا الشرطية محذوف تقديره نبعث، وقد دلّ عليه (ذلك رجع بعيد) .

الآية الثانية عشرة: في قوله تعالى: {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ قَالُوا أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ أَوَآبَاؤُنَا الأَوَّلُونَ قُلْ إِنَّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ لآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ} .

الآيات: (41-56) من سورة الواقعة.

تتضمن هذه الآيات الكريمة وصفا لما يلاقيه الكافرون أصحاب الشمال في نار جهنم يوم القيامة من مصاب عظيم وعذاب أليم، فهم فيها في سموم تهب عليهم ساخنة فتشوى الجلود، ويحسّون بظمأ شديد فيشربون ماء حميما يظنون به رِيًّا فيقطّع أمعاءهم، ويأوون إلى ظل لعلهم يجدون فيه بردا فإذا هو دخان أسود حار يهب عليهم من شفير جهنم لا بارد ولا كريم.

وتتضمن أيضا أن هذا العذاب كان جزاء بما كانوا عليه في دارهم الدنيا، إنهم كانوا مترفين فأعماهم الترف أن يشكروا الله عزّ وجلّ على ما أنعم عليهم، فلم يقوموا بطاعاته، وجعلهم متكبرين عن أن يستجيبوا إلى ما دعتهم إليه الرسل، فأبعدوا في الضلال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015