تتضمن هذه الآيات الكريمة أن المكذبين بالبعث كانوا يقولون أإذا متنا وصرنا ترابا من تراب الأرض أفنعود خلقا جديدا كما كنا من قبل في حياتنا الدنيا؟! إن هذا لن يكون!!. بل كانوا يذهبون إلى أبعد من هذا وأشنع، كانوا يكذبون بلقاء ربهم من بعد الممات ليجازيهم بما كانوا يعملون.

وقد أمر الله سبحانه وتعالى رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم أن يقول لهؤلاء المكذبين: "إنّ الله هو الذي خلق الموت والحياة وإنه هو الذي يحي ويميت، وقد وكل أمر موتهم إلى ملك من ملائكته هو ملك الموت، فهو الذي يتوفاهم بأمره تعالى، ثم يبعثهم الله جلّ وعلا أحياء يوم القيامة فيرجعون إليه ليجازي المحسن على إحسانه والمسيء على إساءته".

ولو ترى يا محمد أولئك الذين أجرموا وأنكروا البعث وقالوا أإذا ضللنا في الأرض أإنا لفي خلق جديد، لوتراهم يا محمد يوم القيامة لرأيت أمراً عجبا، كانوا على أسوأ حال، قد طأطأوا رءوسهم عند ربهم من الخزي والذل والغم والندم والحسرة، يقولون: "ربنا أبصرنا اليوم ما كنّا نكذب به في الدنيا، وسمعنا الآيات التي كنّا ننكرها ونعرض عنها في حياتنا الأولى، إننا اليوم موقنون أن ما جاء به محمد كان حقا وصدقا، ربنا أرجعنا إلى الدنيا لنعمل صالحا غير الذي كنا نعمل".

ولكن هيهات هيهات لما يطلبون لقد أبصروا حصان لا ينفعهم إبصار، وسمعوا حين لا ينفعهم سمع.

وقد أفاد هذا الاستفهام: {أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} أفاد الإنكار والتكذيب والاستهزاء والاستبعاد والتعجب: فقد أنكروا أن يبعثوا خلقا جديدا من بعد موتهم في الحياة الدنيا وكذبوا به، وهزئوا من ذلك، واستبعدوه من الإمكان، وعجبوا من أن يكون.

وقد مضى إعراب مثل هذا الاستفهام أكثر من مرة، ومع ذلك أُعيد وأكرّر وأقول:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015