فالقضية أساسا قضية عقيدة، وجهة نظر في الإنسان والكون والحياة وما قبل الحياة وما بعدها، ولا تؤخذ الحضارة إلا من منبعها وإلا انحرفت أو ذابت واضمحلت، ومنبع الحضارة الإسلامية: كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم مبنية على عقيدة التوحيد،- والحضارة غير المدنية التي كثيراً ما يخلطها الكتاب بالحضارة المدنية - هي المظهر المادي منها المكيفات الأمريكية ولمبات تونسجرام الهنجارية، ومكبرات الصوت الهولندية، والأقمشة الإنجليزية، والحرير الياباني، والساعات السويسرية، والأحذية الإيطالية- والطائرات والسيارات ... وما إلى ذلك من مظاهر مدنية من مبتكرات العلم وهي ملك عام لجميع البشر بما ركب الله فيهم من قدرة على الابتكار والاختراع الصناعي، يستوي في الاستفادة منها المسلم وغير المسلم، ولا يجوز احتكارها، كما لا يجوز الانزواء عنها- ولا شأن للمخترعين واختراعاتهم بالجنة والنار، بالإسلام والكفر، فمن يكفر بالخالق الذي يستحق العبادة وحده لا يمكن أن يبتغى بعمله خدمة الإنسانية حقاً، ولن ينفع المشتغلين بالبحث العلمي يوم القيامة علمهم إذا كانوا كفاراً ولن يضر الجاهلين بالعلم يوم القيامة جهلهم إن كانوا مؤمنين.